المصبوبين في قوالب أمريكية، أو قوالب صهيونية على الأصح، يلبس ثياب الغرب والمسلمين، ويتسمى بأسماء العرب والمسلمين، ويعمل في حكومات العرب والمسلمين لغير أهداف العرب والمسلمين. ولا يمضي وقت طويل حتى يصبح المشتغلون بشؤون الخدمة الاجتماعية وتنظيم الحياة العربية والاسلامية في شتى مناحيها من هؤلاء المتأمركين الذين يفسدون حين يزعمون أنهم يصلحون، ويهدمون حين يظنون ويظن المخدوعون بهم أنهم يبنون ويشيدون.
والآن بعد أن طال الحديث عن المركز الدولي للتربية الأساسية أنتقل إلى مقالات الأعضاء الذين تحدثوا عن شؤون التربية والتعليم في البلاد العربية، وهي الأساس في عقد هذا المؤتمر. والهدف من هذه البحوث التي دعي أصحابها لِإلقائها لا يخرج عن الهدفين السابقين اللذين أشرت إليهما من قبل: الجاسوسية، والسيطرة على توجيه المجتمع. ففي مثل هذه المؤتمرات يتيسر استقاء معلومات دقيقة من مصادر موثوق بها، كما يمكن معرفة الاتجاهات الفكرية لقادة الرأي والمسؤولين في هذه البلاد. وهذه المؤتمرات - مثل المؤسسات الأمريكية والدولية التي أشرت إليها من قبل - هي أضمن الوسائل وأرخصها وأوثقها لجمع المعلوماث الصحيحة الدقيقة التي تخدم الذين يرسمون الخطط السياسية والحربية لهذه المنطقة.
ثم إن هذه المؤتمرات هي - من ناحية أخرى - وسيلة، للاتصال القريب المباشر بالمسؤولين، يَعْجِمون عودهم، ويدرسونهم عن قرب، ويختبرون مدى مناعتهم ومدى استعدادهم للتجاوب مع الأهداف الخفية للسياسة الاستعمارية، كما يختبرون مواطن القوة ومواطن الضعف في كل واحد منهم لمعرفة أنجح الوسائل للاتصال بهم والتأثير عليهم. هذا إلى أن الكلام الذي يلقى في هذه المؤتمرات - وهو مجامل لا شك لوجهة نظر الداعي إلى المؤتمر - لا بد أن يلقى صدى في نفوس كثير من هؤلاء المسؤولين من المدعوين.
أما خدمة هذا المؤتمر لأغراض الجاسوسية الأمريكية التي ترسم الخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه المنطقة، فهي واضحة في كلمة الدكتور عبد الحميد كاظم وزير معارف العراق السابق، التي ألقاها في هذا المؤتمر، حيث أشار إلى ما طُلب منه إعداده حين وجهت إليه الدعوة، فقال: "إن