خطاب الزميل الدكتور حبيب كوراني يشير إلى الرغبة في أن أتكلم عن تطور التربية في المملكة العراقية خلال السنوات العشر الأخيرة (١) مشيراً إلى أهم الاتجاهات الحديثة من حيث: التنظيم، والمنهج، وإعداد المدرسين، والتفتيش، والامتحان، وكذلك المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، التي تجابه التعليم في العراق، مع بعض الحلول التي اتخذت أو يجب أن تُتخذ لمعالجتها، على أن تأتي هذه في محاضرتين. هذا هو المطلوب مني حسبما جاء في الدعوة الموجهة إلى- ص ١٢٥ إلى ١٢٦".
والذي يراجع ما ألقي في هذا المؤتمر من بحوث يتبين دقة المدعوين في التزام الوفاء بما طلب إليهم التحدث فيه على أكمل ما يطلبه الأمريكيون ويريدونه. فبحوثهم مدعمة بجداول إحصائية لا حصر لها في كل جانب من جوانب التعليم، مما يقدم صورة دقيقة للحياة الاجتماعية والاقتصادية في بلادهم، إلى جانب النظم التعليمية. والواقع أن أعضاء المؤتمر لم يقدموا هذه الجداول الإِحصائية تبرعاً من عند أنفسهم، ولكنهم قدموها استجابة لطلب الذين دَعَوا إلى هذا المؤتمر ونظموه. فالدكتور حبيب أمين كوراني رئيس دائرة التربية في الجامعة الأميركية ببيروت - وهو الذي وجّه الدعوة لهذا المؤتمر - يقول في تقديم الكتاب الذي ضم ما أُلقي فيه من بحوث: " ... فدعونا لذلك نخبة من قادة الفكر وكبار رجال التربية في مختلف الأقطار العربية للمساهمة في هذه الدراسة، وذلك بتقديم محاضرات تتناول أهم الأبحاث الحديثة في التربية في أقطارهم من حيث الأسس الفلسفية والاجتماعية والنفسية التي ترتكز عليها التربية، ومن حيث التنظيم والمنهج وإعداد المعلمين والتفتيش والامتحان بالاستناد إلى بعض الإِحصائيات التربوية الهامة، ويتناول أيضاً عرض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجابه التعليم، مع بعض الحلول التي اتخذت والتي يجب أن تتخذ".
(١) السنوات العشر الأخيرة هي السنوات التي تبدأ بانتهاء الحرب العالمية الثانية. وهي الفترة التي اتسمت بتدخل أمريكا في شؤون هذه المنطقة. فأصحاب هذا المؤتمر يريدون الاطمئنان على مدى نجاح خططهم في خلال هذه السنوات العشر. والواقع أن أمريكا قد حققت بدولاراتها خلال هذه المدة ما لم تستطع الدبلوماسية الانجليزية والدبلوماسية الفرنسية ومؤامرات التبشير الظاهرة والخفية مجتمعة أن تحققه في قرن كامل.