للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتخلفه وانحطاط خصائصه، وانتشارَ الشذوذ الجنسي واستفحال دائه.

أما النتيجة الأولى فهىِ ترجع إلى أن حدة الشهوة وقوتها سبيلٌ إلى تحسين النسل وداعيةٌ إلى إبراز أحسن خصائصه وأفضل صفاته، كما أن فتور الشهوة وبرودها سبيل إلى ضعف النسل وداعية إلى تدهور خصائصه وانحطاط صفاته. ومما يتفق مع هذا الذهب في النتيجة - وإن اختلف معه في التعليل - ما يذهب إليه علماء الوراثة من التنبيه إلى خطر زواج الأقارب ومضاره (١). ويؤيده تأييداً قوياً تحريم الشريعة الِإسلامية زواج أخوات الرضاعة، فمن الواضح أنه مبني على اعتبار الغرباء الذين لا تربطهم قرابة الدم ممن تجاوروا حتى ازداد إلْفُ أحدهما للآخر في حكم أقرباء الدم. هذه حقيقة معروفة تقطع بها المشاهدة وتجارب الأجيال المتعاقبة، وتؤيدها الشرائع الثابتة، وهي تشمل الإِنسان والحيوان على السواء. ومن مظاهر تطبيقها على الحيوان إبعادُ الذكور عن الإِناث وعدم السماح باختلاطهما إلا عند اللقاح. ومن علامات صحتها فيما أزعمه انحطاط خصائص الجنس البشري في الهمج من العراة الذين لا يزالون يعيشون في المتاهات والأدغال على حالٍ تقرب من البهيمية،


(١) علماء الوراثة لا يعتبرون أن قوة الشهوة أو ضعفها هي العلة في قوة النسل وضعفه, لأنهم يردون قوانين الوراثة إلى عوامل مادية خالصة. ويزعمون أن ما يسمونه (الكروموسومات) بما تحتوي عليه من (الجينات) التي تصور الخصائص المختلفة هي وحدها التي تتحكم في الوراثة، بما تحمله البويضات والحيوانات المنوية منها، فتنحدر بعض هذه الصفات والخصائص من الأسلاف إلى الآباء والأحفاد حسب قوانين معينة رتبوها. ولكن علماء الوراثة مع ذلك يعترفون بأن (الجينات) تكاد تكون شيئاً افتراضياً لم يره أحد ولا يمكن تحديد عددها في الكروموسوم الواحد أو وصفها أو بيان خصائصها. هذا ألى أن فرضهم هذا لا يستقيم مع كثير من الظواهر التي لا يمكن تعليلها على أساسه، مثل ظواهر الوراثة التحدة الأزمنة، ومثل ظوأهر الوراثة بالتأثير، ومثل وراثة الحالات العارضة وقت العلوق، ومثل قانون وراثة الصفات الخارجة عن المعتاد. على أن بين علماء الوراثة من أنكر نظرية (الكروموسومات) التي يترتب عليها عدم قابلية الصفات المكتسبة للوراثة، مثل لزنكو (Lysenko). ثم أن علماء الوراثة جميعاً يعترفون بما يسمونه (الطفرة)، كما يعترفون بعجزهم عن تعليلها، وبقصور قاعدة (الكروموسومات) المادية عن تعليلها، بل ومناقضتها لها. وموضع الضعف في كل النظريات التي يكتشفها الباحثون أن أصحابها يظنون حين يطلعون على بعض الحقائق والأسباب أنهم قد أحاطوا بكل الحقائق والأسباب. وذلك ما لا يحصيه إلا أنه وحده سبحانه وتعالى. ثم إنهم لا يقرون إلا بما يخضع للحس والتجربة.

<<  <   >  >>