الإِنجليزية). ولو شئتُ لقدَّمت كثيراً من الأمثلة التي تدعم هذا النص الذي قدمته، ولكني أظن أن فيه الكفاية لإِثبات ما بذله الاستعباد الغربي في سبيل نشر أسوأ ما في حضارته وإحلاله محل الإِسلام في كل مُسَتعبداته، يسمون صنيعهم هذا "نشر الحضارة" ويزعمونه "رسالة الرجل الأبيض" التي لا يملون من الحديث عنها. ولكن الذي حالوا بين الناس في مستعبداتهم وبين الوصول إليه هو الأخذ بأسباب القوَّة، أو بعبارة أخرى الجانب المثمر المفيد من هذه الحضارة.
أما الروحانية التي يحاربها الكاتب عن جهل, لأنه يزعم أن الاستعباد الغربي يشجعها فهي شيء آخر غيُر الصوفية التي جاء ذكرها في قصة مندوب روكفلر مع الجامعة السورية. فالصوفية مذهب غير إسلامي في كثير من تفاصيله وشطحاته وتقاليده ونظمه الدخيلة، وخوضه فيما نهى الإِسلام عن الخوض في تفاصيله، أو هو يبدو كذلك فيما هو مشهور عن كثير من فرقه التي تدعو إلى سلبية يائسة مستسلمة تعارض روح الإِسلام معارضة صريحة. وهو شيء آخر غير الزهد الذي عُرِف عن بعض الصادقين من الصالحين في صدر الاسلام خاصةً وفيما تلا ذلك من العصور.
أما الروحانية فإِذا قصد بها نفيض المادية التي يدعو إليها الكاتب في مقاله، فلا شك أن كل الأديان روحانية, لأنها تؤمن بالروح وبالغيب وبالثواب والعقاب وبما وراء المحسوس الملموس.
وكاتب المقال لا يفرق بين الثقافة التي تتصل بالجانب الروحي والخلقي والديني من الإِنسان، وبين العلم الذي يتصل بالجانب العقلي والمادي منه. ولذلك فهو يقول: لا بد لنا من الاعتراف بأن تقاليدنا لا تتعارض مع الاقتباس من الثقافة الحديثة السائدة في الغرب. وفي الحقيقة، إذا تركنا الحافظين في بعض الأقطار العربية - وهي فئة قد أصبحت لحسن الحظ قليلة العدد - فإِننا لا نجد اليوم بيننا من ينكر ضرورة هذا الاقتباس. وإنما هناك فئة تسمي نفسها بالمعتدلة تريد أن يقتصر الاقتباس على محاسن الحضارة الغربية، وعلى تلك النواحي من ثقافتها التي تتلاءم مع خصائصنا وتقاليدنا وعاداتنا. ونقطة الضعف في هذا الرأي هي الصعوبة في تحديد