للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفضل، وسلم العقد من المخاطرة والقمار. وقد حكينا كلامهم في هذا.

وقد اختلف عندنا فيما لا ربا فيه هل يجوز بيع رطبه بيابسه إذا تبين الفضل (١)، الرطب باليابس وعين (١) الرطب باليابس. فمن أجاز ذلك رأى أن علة النهي عن بيع الرطب باليابس المزابنة والمخاطرة في مقدار أحدهما من الآخر. فإذا تبين مقدار زيادة أحدهما على الآخر زيادة لا شك فيها، ارتفع الخطر، وذهب الغرر، ولم تتصور المزابنة، فوجب الجواز. وإن قلنا: إن النهي عن ذلك غير معلل منع ذلك، ولو تبين الفضل. فأمّا من حكينا عنه أنه يجيز بيع اللحم بالحيوان إذا تبين الفضْل فإنه قد حكى عموم النهي عن بيع اللحم بالحيوان بشواهد الأصول ومفهوم قواعد الشرع من النهي عن الغرر والمزابنة. وقد تصور ذلك في بيع اللحم بالحيوان، فيجب أن يجري مع هذه العلة، فمتى ارتفعت ولم تتصور ارتفع حكمها. (وكان ابن القاسم حين عقده هذا التعليل، ولكنه لم يبسط عن الخروج عن عموم لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الضرب من الاستدلال، ولا يعلل الحديث فعله يرتفع حكم عمومه، ولكنه ما تصورت فيه العلة وهي المزابنة معه حديثًا وقياسًا، وما لم يتصور فيه منعه لأجل عموم الحديث) (٢). ولا يستبعد من ابن القاسم هذا، فإن المذهب متفق على أن بيع اللحم بالحيوان من غير جنسه جائز .. وإنما يمنعه الشافعي .. وعموم النهي عن اللحم بالحيوان يقتضي المنع، سواء كان اللحم من جنس الحيوان أو من غير جنسه. لكن المزابنة إنما تتصور مع التجانس في العوضين حتى ينصرف للأعواض إلى الحرس (٣) على المقادير، فيكون ذلك مزابنة. وإذا كان العوضَان من جنسين مختلفين اختلفت الأغراض. فأنت ترى أهل المذهب كيف اتفقوا على تخصيص هذا العموم بهذا النوع من الاستدلال، فلا يستنكر ما قاله ابن القاسم على أصل المذهب.


(١) كلام غير واضح.
(٢) هكذا في جميع النسخ، والكلام بين القوسين غير واضح.
(٣) كلمة غير واضحة، ولعلها: الحدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>