للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد سلك أصحاب الشافعي قريبًا من هذا المسلك في التعليل، ولكنهم أتوه من طريقة أخرى، فقالوا: إن اللحم فيه الربا، والحيّ أصل هذا اللحم، واللحم كالبعض من الحي، وما كان فيه الربا فلا يباع بأصله، كما لا يباع السمسم بدهنه.

وهذه الطريقة إن لم ترجع إلى ما قلناه نحن، وإلا فهي منفعته، لأن الحي المقتنى (١) لا ربا فيه، ولهذا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا. وإذا كان لا ربا فيه فلا معنى للالتفات إلى كون ما يعاوض به عنه وهو اللحم فيه الربا، كما لا يلتفت إلى كون اللحم فيه الربا إذا بيع بثياب لما كانت لا ربا فيها.

وقد اختلف عندنا في جواز بيع الحي باللحم من جنسه مطبوخًا إلى أجل.

فكرهه ابن القاسم، وأجازه أشهب، وعموم الحديث يقتضي النهي عنه، واعتبار التعليل يقتضي الجواز. لكن اللحم المطبوخ بالأبازير وغيرها يخرجه الطبخ عن اعتبار الربا بينه وبين اللحم الغير المطبوخ، ويصيره جنسًا آخر. وقد ذكرنا أن المزابنة أو الربا إنما يتصور مع كون العوضين من جنس واحد، وقد (٢) الشيخ أبو إسحاق التونشي هذا المسألة على أن المراد بيع الحي بالمطبوخ إلى أجل، فيكون هذا كبيع كتان بثوب إلى أجل يمكن أن يصنع الثوب من الكتان. وقد تقدم وجه المنع وأما (لو كذلك) (٣) فهذا لم يختلف فيه لكون الطبخ صيره جنسا آخر.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:

أما الشروط المعتبرة في منع اللحم بالحيوان، فقد كثر الاضطراب فيها.

وقد قدمنا الكلام على ما بيْن (٤) الفضل فيه ما بين الحي واللحم.

وأما اعتبار الجنسية فقد أشرنا إليه، ومذهبنا أن النهي عن بيع اللحم


(١) كلمة غير معجمة في جميع النسخ، ولعلها: مُقْتنى.
(٢) فراغ: مقدار كلمة في جميع النسخ، ولعلها: قرّر.
(٣) هكذا كلمة في جميع النسخ.
(٤) هكذا ولعل الصواب تبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>