للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالحيوان إنما يتصور مع اتحاد الجنس. وأما اختلافه فإن الأغراض تختلف ما بين الجنسين اختلافًا يخرج المتعاقدين على القصد إلى المزابنة، وذكرنا أن الشافعي يمنع من ذلك، وإن كان الحي من غير جنس اللحم، فمنع بيع لحم الدجاج والطير بالشاة والبعير. وأشرنا إلى سبب هذا الخلاف.

وأما اعتبار كون اللحم والحيوان مما يؤكلان، ويحل أكلهما، فقد قدمنا أن مذهبنا جواز بيع الخيل والبغال، فإنا وإن كرهنا أكل لحومها، فلا يمنع من بيعها، وهي حية، بالحيوان الذريعة (١) من جنسها لما كثر فيها الاختلاف واشتهر. وللشافعي في هذا الذي لا يؤكل لحمه قولان: أحدهما: المنع، لعموم الحديث، والثاني: الجواز؛ لأن العلة الربا، على ما ذكرناه عنهم. وهذه اللحوم (ليست بما فيها للربا) (١) لكونها لا تؤكل، أو العلة المزابنة، والمزابنة إنما تتصور مع تساوي الأغراض في الأغراض، وما لا يجوز أكله الغرض فيه مخالف للغرض في لحم ما يؤكل. وإذا علمت أنّا نشترط تجانس العَرْضين: الحيوان واللحم، فإن الأجناس عندنا ثلاثة: فكل ما يمشي على أربع فهو جنس واحد، سواء كان وحشيًا أو إنسيًا. وكل ما كان من ذوات الأجنحة فهو صنف آخر.

وكل ما كان من سمك البحر وطعامه فهو صنف ثالث. وأما الجراد فقد حكي عن مالك أنه صنف رابع، والمعروف عندنا أنه مما لا ربا فيه، وسنتكلم عليه في الربويات من الطعام إن شاء الله. فأنت تعلم متى كثرت هذه الأجناس أن بيع الشاة والبعير والبقر بلحم الأرْنب والغزال لا يجوز، لأنه بيع لحم حيوان بجنسه حيًا، ويجوز بيع الشاة والبعير بلحم السمك أو لحم الطير، ويجوز بيع حي الطير بالسمك، فإنما يعتبر في هذا الجنسية على ما عددناه فيها.

وأمّا الوصف الذي يلحق منه الحي بالحيوان المنهي عن بيعه باللحم.

فاعلم أن ما طالت حياته وادخر للانتفاع به (٢) لذلك، فإنه مراد بالحديث في


(١) هكذا في جميع النسخ.
(٢) كلمة غير واضحة في جميع النسخ، ولعلها: وربِّي ..

<<  <  ج: ص:  >  >>