للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزكاة، وقد أباح منها القلوص بالقلوصين. فهذا ينتظر (١) الرد على هذه الثلاث مذاهب المذكورة.

وأما اختلاف فقهاء الأمصار فرأى (٢) التعليل. فإنا نتكلم ها هنا على اختلافهم في تعليل الأربع المطعومات وهي البرّ والشعير والتمر والملح، ويؤخر الكلام على اختلافهم في تعليل الذهب والفضة إلى كتاب الصرف.

فأما أبو حنيفة والشافعي فإنهما قد يتعلقان بظاهرٍ حسن يغنيهما عن التعليل والقياس أو يجعلانه ترجيحًا لتعلقها وقياسها. فالشافعي منهما يقول: روى معمر بن عبد الله عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الطعام بالطعام مثلًا بمثل" (٣) وهذا يقتضي تحريم الربا في سائر المطعومات على حسب مقتضى تعليل الشافعي رحمه الله بالطعم.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول بأنه لما أنكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على عامل خيبر بيع الصالح بالصاعين، ذكر في آخر الحديث أنه قال في الميزان مثل ذلك (٤). وهذا معلوم أنه لم يرد نفس الميزان، وإنما عبّر عن الموزون بالميزان، وعموم القول أن الموزون فيه الربا يقتضي استيعاب كل ما يوزن، وإذا ثبت تعلق الربا بكل ما يوزن ثبت تعلقه بكل مكيل؛ لأن ذكر الموزون تنبيه على المكيل ها هنا.

(والآخر أيضًا تعلق الربا بكل موزون عمومًا بل تعلقه ببعض المكيلات خصوصًا) (٥).

وأما نحن فلا ظاهر عندنا من الكتاب والسنة نتعلق به في تصحيح التعليل بالقوت. لكنا إن سلمنا للشافعي هذا الحديث تأولناه على أن المراد به الأطعمة المقتاتة.


(١) هكذا.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعلها: في.
(٣) الهداية: ٧/ ١٨٥.
(٤) فتح الباري: ٥/ ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٥) هكذا في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>