للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: خصوصيته (١) - صلى الله عليه وسلم - البر والشعير والتمر والملح بالذكر فلو كان سرعة (٢) تحريم الربا في كل مطعوم لم يحسن الاقتصار على أربع منها على أكثر المطعومات. ولا يمكن أن يقال في هذا: إن الطعام في العرف عندهم لم يكن في عرف التخاطب في سائر أنواع الأطعمة بل كان على صنف أو أصناف مخصوصة، فيحمل الحديث عليها.

وأمّا ما تعلق به أبو حنيفة فإنا لا نسلم له هذه الزيادة، ولا كونها من لفظ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بل يجوز أن يكون من كلام الراوي وتأويله.

فإن قال الشافعي: إن لم يمكن من التعلق بعموم قوله "الطعام بالطعام مثلًا بمثل" فإنه يجب أن يمكن من كونه منبّها على صحة العلة التي أخرجت، لأنّ الحكم إذا علق باسم مشتق قإن معنى ذلك الاشتقاق علة الحكم. وحكم الربا ها هنا معلق بلفظ الطعام والطعام مشتق من الطعم، فيجب أن يكون الطعم علة فيه. ألا ترى قوله سبحانه {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٣) {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٤) لما علق حكم الضرب والقطع على لفظ الزاني والسارق، وكان ذلك مشتقًا من الزنا والسرقة، كان الزنا والسرقة علّة في الحكم.

وهذا لا نسلمه أيضًا لأن الأسماء إنما وضعت للدلالة على الذات وليتعارف بها الذوات المرادة بالنطق في نفي أو إثبات. ولكنها إذا حملنا الزنا والسرقة على الضرب والقطع ليس من ناحية مجرد الاشتقاق، ويكون مناسبتهما في الفعل بهذا الحكم على مقتضى أصول الشرع وتأثيرهما فيه، وللتأثير الدال على صحة التعليل هو أن تكون العلة تحمل مناسبة لما ربط بها من الحكم إذا


(١) هكذا في جميع النسخ، والأوْلى: تخصيصه.
(٢) هكذا في جميع النسخ.
(٣) النور: ٢.
(٤) المائدة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>