للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محسوس بحس قدر أحدهما بالآخر. فإن المقابلة تشاهد، فإن (طالت أحدى) (١) على الأخرى في المقدار صارت تلك الزيادة لا مقابل لها، وإذا كانت المقابلة لم تتأتّ فيها حقيقة المساواة مع هذه الزيادة المحسوسة، ومعلوم أن البر إذا بيع بالبر هما متساويان قطعًا، فإذا بيع صاع بصاع (٢) صار الصالح الثاني لا مقابل له، وإذا لم يكن له مقابل استح الذيه حقيقة المعاوضة، لأن حقيقة البيع نقل الملك بعوض، والمقابلة في المعاوضة إنما تصح مع المساواة في التقابل، فإذا لم يكن التقابل نافر ذلك حقيقة (ذلك فاسد) (٣)، وهذا الصالح الزائد لا مقابل له فعروّه عن مقابلته بشيء يسلبه حقيقة البيع وقضيته وما أستُلِب منه حقيقة البيع وقضيته فسد. فلهذا المعنى حرم الربا فيما تجانس، وصار المقابل له خرج من الملك بغير معاوضة، فلحق بأكل المال بالباطل.

والمقابلة مع الاختلاف في الجودة والدناءة يتصور، ولا يتبين عدم المقابلة فيها كما تتبين في زيادة المقدار، كما قدمنا.

وأجيب عن هذا بأن المقابلة في المعاوضة إنما تحمل (٤) بقصد المتبايعين، وهما إذا جعلا قصد الصالح عوض (الصاعين) قد قابلا أحد العوضين لقصدهما إلى مقابلة هذا بهذا في التعاوض، ألا ترى أن العدديات من المطعومات لا ربا فيها عند أبي حنيفة، وإن لم يتقابل، كبيع بيضة ببيضتين، وجوزة بجوزتين، وما ذلك إلا لقصد المتعاوضين جعل الواحد ها هنا عوض الاثنين، ولو لم يعتبر القصد لوجب المنع، لكون البيضة الثانية والجوزة الثانية لا مقابل لها، فخرجت عن حقيقة البيع.

وأجيب عن هذا بأن هذه العدديات وما اختلفت أجناسه إنما يكون التقابل فيهما بالقيمة، ولهذا كان على متلفها القيمة في المثل، كما يكون عليه إذا أتلف


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: زادت إحداهما.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: بصاعين.
(٣) هكذا في جميع النسخ.
(٤) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: يحصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>