للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكيال الدقيق وزنًا، ولا يكون ربا. ومن أصحابنا من ذهب إلى أن الروايتين معمولتان على إطلاقهما. وفي كتاب ابن حبيب أن الجواز فيما يكلفنا (١) بفعله الجيران على جهة المعروف، وأما ما كثر فلا يجوز، وقد قال رجل من أصحاب الشافعي: إن أبا عبد الله روي عنه أيضًا الجواز، فقال رجل من أصحابه: إنما أراد هذا الناقل بأن أبا عبد الله الشافعي فيكون على هذا أيضًا اختلاف قولٍ للشافعي.

وأنكر أصحاب الشافعي هذا التأويل، وقالوا: إنما أراد هذا الناقل أبا عبد الله مالكا أو أبا عبد الله أحمد بن حنبل. وقد نقل عن ابن حنبل أنه يشترط في إجازة ذلك أن يكون التبايع وزنًا.

وذهب عبد العزيز بن أبي سلمة إلى أنهما جنسان يحل التفاضل بينهما.

فمن ذهب إلى أنهما جنسان يستدل بخلاف التسمية والصورة، كما تقدم الاستدلال بهذا على كون القمح والشعير جنسين مع اختلاف الغرض أيضًا في ادخار القمح والدقيق.

ومن ذهب إلى المنع يرى أن التفاضل بينهما ممنوع لكونهما نوعًا واحدًا.

لكن أحدهما تفرقت أجزاؤه وهو الدقيق، والآخر بقي على صورته وليس بين جوهريهما اختلاف، ولا في المراد منهما، وبيعهما من غير تفاضل يمنع لأن كل ما أريد (٢) بصنعة آدمي عن أصله في صفة الادخار والغرض فإنه لا يجوز بيعه بأصله إذا كان مما فيه الربا، كبيع التمر بالنخل، والحيوان باللحم، كما قدمناه في هذا.

وأما من يشترط في إجازته المماثلة من جهة الوزن، كما حكيناه عن ابن حبيب، وذكرنا أن ابن القصار تأوله على ذلك في رواية الجواز على الإطلاق، فإنه يقتضي تقدير أصل يستند هذا إليه، وهو أن ما حرم فيه الربا وطلبت فيه المماثلة، ويوجب (٣) فيها اعتبارها بالمعيار المعتاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحمل


(١) هكذا، ولعل الصواب: يطلبنا.
(٢) هكذا في جميع النسخ، والمعنى يقتضي: تغيّر.
(٣) هكذا في النسختين ولعل الصواب حذف الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>