للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من اثنى عشر دينارًا فقال عليه السلام: "لا يباع حتى يفصل" (١) وظاهر هذا يقتضي المنع من بيع الذهب مع جنس آخر بذهب منفرد، لأنه نهى عن ذلك وعن (٢) الإباحة بالتفصيل وقال: "الذهب بالذهب وزنًا بوزن" (٣). وهذه إشارة إلى الرجوع إلى المساواة قطعًا ويقينًا، ولا يكون ذلك إلا بالميزان. وأبو حنيفة يشترط في جواز هذا أن يكون الذهب الذي أضيف إليه غيره من الذهب المنفرد عوضًا عن الجنس المضاف إلى الذهب، وتغالى في ذلك حتى يجيز درهمًا في قرطاس بمائة درهم، ويجعل درهمًا من المائة مقابلة الدرهم الذي في القرطاس، والتسعة وتسعون درهمًا في مقابلة القرطاس وعوض عنه. وقد ذكر عنه في هذا الحديث: أنها لما فصلت وجد فيها أكثر من اثني عشر دينارًا. فيتعلق أبو حنيفة بهذه الرواية، ويقول: إني مشترط في الجواز أن يكون الذهب المنفرد أكثر من الذهب المضاف إليه جنس آخر لتحصل المساواة بين الذهبين، ويكون ما زاد من المنفرد عوض الجنس المضاف إلى الذهب حتى يقدّر العقد الواحد كعقدين منفردين. وها هنا قد ذكر أن الذهب الذي في القلادة أكثر من المنفرد، وإنما يمنع من هذا البيع إلا بشرط كون الذهب المنفرد أكثر من المضاف إليه غيره.

ويجاب عن هذا بأنه عليه السلام أشار إلى علة المنع وقال: الذهب بالذهب وزنًا بوزن، وإذا بيع ذهب منفرد بذهب وسلعة أخرى فإن الذهب المنفرد لم يبع بالذهب وزنًا بوزن، لأنه إنما قابل الذهب المنفرد شيئان يفترقان إلى أن يعلم فيه كل واحد منهما بالنسبة إلى صاحبه. فإذا احتيج إلى ذلك، ونظر في التقويم، والنص على الذهب المنفرد، فقد يقابل الذهب المنفرد من الذهب المضاف إليه غيره ما هو أكثر أو أقل أو ما يساويه والخروج عن المساواة بين الذهبين أو الجهل في المساواة يمنع من صحة البيع. وإلى هذا أشار مالك


(١) إكمال الإكمال: ٤/ ٢٧٢.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: علّق.
(٣) إكمال الإكمال: ٤/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>