للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاع التمر قبالة الدينار، صحّ التعاوض على هذه الصفة، والجمع إذا قوبل بالجمع قوبل الفرد بالفرد، كما يقال: ركب القوم دوابهم، ولبسوا ثيابهم.

فالمراد مقابلة الفرد بالفرد، وهو أن كل رجل ركب دابته ولبس ثوبه، وإن صرفنا هذا الانقسام إلى مقابلة الجمع بالجمع على التوزيع والشياع، اقتضى ذلك فساد العقد، كما قلتم، وإذا احتمل العقد وجهين جهة صحة وفساد، صرفت عقود المسلمين إلى الوجه الصحيح الذي يتدينون به. ألا ترى أن من باع سلعة بدنانير ولم بسم سكتها، وفي ذلك العقد سكك مختلفة، لكن العرف تبايعهم بسكة معينة، وبكون البلد لا سكة فيه سوى سكة واحدة، فإن لفظ الدنانير يحمل عليها، وما ذلك إلا لأجل وجوب حمل عقود المسلمين على الوجه الجائز.

وأما وجوب التوزيع والفصل فيمن باع شِقصًا وسبعًا بدابة وثوب، فإنما ذلك لأنه ليس له وجهًا صحة وفساد يجب حمله على أحد الوجهين، وهو وجه الصحة. فلا مرَجِّحَ يقع بين احتمال واحتم الذي نفس أحد العوضين للشقص. (ولو فرضنا فيه مقابلة الفرد بالفرد لم يجز فرقًا بين حملنا كون الشقص في مقابلة الثوب حملنا له على أن يكون في مقابلة الدابة لا صحة وفساد ها هنا يتقابلان يقع الترجيح بينهما ولهذا استغنى إلى موافقتهم ها هنا على وجوب التوزيع والقصر) (١).

ولا ينقض هذا علينا بأنا نمنع من بيع دينار بدينارين مع احتمال أن يكون أحد الدينارين مقابل الدينار الفرد، والدينار الثاني هبة، لأن هذا خلاف نص اللفظ لأنهما جعلا الدينارين جميعًا بيعا وعوضا، فصرف أحدهما إلى كونه هبة إبطال عقد المتعاقدين. وإذا باع دينارًا وصاعًا من تمر بصاعين من تمر، هما جنس التمر، لما صاف (٢) إلى الدينار، فإن مقابلة الفرد ها هنا وصرف المعاوضة إلى مقابلة الصالح بالصاع ومقابلة الصالح الآخر بالدينار وليس فيه


(١) ما بين القوسين كلام فيه اضطراب.
(٢) هكذا، ولعلها: لأضاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>