للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه لئلا يكون سببًا في تشوّف الرجال إلى امرأة أجنبية وتلفّتهم إليها.

ويستدلون أيضًا بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تصف المرأة المرأة لزوجها ... " (١) الحديث المخرج في الصحيح. والعلة فيه أن الوصف لمحاسن امرأة أجنبية يتخوف على من سمعه من الرجال التشوف إليها، وتستنزله الشهوة إليها، فيوقعه ذلك فيما لا يحل.

ويستدلون أيضًا بأن مجرد البيع إذا وقع على شروطه الشرعية جائز بالإجماع. والسلف إذا انفرد أيضًا ولم يقصد المسلف منفعة نفسه، بل الرفق بالمسلف والإحسان إليه، جائز بالإجماع. وإذا اجتمعا ووقعا في بيع بشرط سلف فإن الشرع ورد بمنع ذلك. وما ذلك إلا لكون السلف إذا قارن البيع تخوّف منه أن يكون سلفًا بزيادة، فقد يزيد في قيمة السلعة والمراد في الباطن أن تكون تلك الزيادة على القيمة عوض السلف، والسلف بزيادة محرم باتفاق.

فهذا مفردان يجوزان، وهو البيع أو السلف، فإذا اقترنا مُنعا حماية للذريعة كما بيناه.

وقد اضطرب المذهب في تعليل المنع فأشار أبو الفرج إلى أن علة المنع اعتياد كثير من الناس التحيل بهذه البياعات الجائز ظاهرها على العقد على ما لا يحل مما يُمنعان منه لو أظهراه، ويفسخ عليهما. ومقتضى هذا التعليل أن المعتادين لفعل الحلال ومن هو من أهل الدين والعدالة بحيث لا يتهم على التحيل على الحرام لا يُمنعون من هذه البياعات.

وأشار ابن مسلمة إلى أن العلة في ذلك حماية الذريعة، على ما قدمناه، وإذا كانت العلة هذه وجب، على هذه الطريقة، أن يمنع من هذه البياعات من يتهم ومن لا يتهم.

ومما يقوي هذه الطريقة، التي هي التعليل بحماية الذريعة، ويكون استدلالًا أيضًا في أصل المسألة، حديث عائشة لما قالت لها أم محبة، وهي أم


(١) مختصر حديث. انظر نصه في البخاري: الفتح: ١١/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>