للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقدح في المذهبين المتقدمين اللذين تضمَّنا إيجاب غرامة الأوَّل وجميع ما قبض، بأنَّ هذا الأوسط قد أخذ عوضًا عن هذا العبد الذي دلس عليه ودفع إليه جميع ما هو عوض إلَاّ الجزء الذي دلس به؛ لأنَّ ماله رجوع بقيمة ذلك.

وأمَّا أن يجتمع له أخذ عوض ما اشتراه ودلس عليه به بالرجوع بثمنه، فإنَّ هذا خلاف مقتضى الأصول وخارج عمَّا يجب في أحكام التدليس.

والجواب عن السؤال التاسع أن يقال: إذا اشترى عبدًا به عيب فباع نصفه قبل أن يعلم بعيبه، فإنَّ هذا النصف المبيع يجري حكم العيب فيه على ما قدَّمناه من الإختلاف في بيع ما بيع قبل أن يعلم بعيبه. فمذهب ابن القاسم أن لا مقال له فيه. ومذهب أشهب أنَّه يرجع بالأقل ممَّا نقص قبضه فيه كما دفعه فيه أو قيمة نصف العيب في هذا النصف، وعلى المذهب الثالث يرجع بقيمة العيب على الإطلاق. وأمَّا النصف الثاني يبدَّأ بالتخيير فيه بين أن يدفع نصف قيمة العيب المختص بهذا النصف الباقي، فيسقط مقال المشتري فيه، أو يقبله من المشتري بعيب الشركة والتبعيض الذي ذكره، فيكون المشتري مخير أبي ن أن يقبل هذا النصف بجميع الثمن، أو يرده ويأخذ نصف الثمن.

وكأنَّه يرى أن حكم الفوت إذا أوجب التخيير جعل التخيير في جنبة من لحقه الضرر. فإذا كان المشتري هو الذي يلحقه الضرر بغرامة تلزمه إذا ردَّ لكونه حدث عنده نقص، كان مخير أبي ن الرد والإمساك وأخذ قيمة العيب. وإن كان الضرر في الرد يختص بالبائع. كان البائع هو المبدَّأ بالخيار، فله أن يعطي نصف قيمة العيب ويمنع المشتري من الرد لأجل ما يلحقه من الضرر.

ولو قضينا للبائع بهذا فدفع نصف قيمة العيب ثمَّ ردَّ هذا النصف المبيع على المشتري الأوَّل الذي باعه، فإنَّ الأشياخ اختلفوا إذا دّعا (١) أحدهما إلى نقض هذا الحكم ورد نصف قيمة العيب، وتخيير المشتري بين أن يقبل بجميع الثمن أو يرد. فمنهم من ذهب إلى أن ذلك حكم مضى ولا يرد. ومنهم من


(١) هكذا في النسختين ولعل الصواب إذا دعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>