ذهب إلى أنَّ هذا حكم إنَّما أمضي لعلة وهو ضرر البائع بالتبعيض، فإذا ارتفعت العلَّة، وجب ارتفاع هذا الحكم الذي تعلق بها.
وأشار بعضهم إلى أنَّ هذا نحو ما قدَّمناه من الاختلاف. وما حكيناه عن ابن حبيب من كون القاضي إذا منع المشتري لمَّا باع من القيام بالعيب ثمَّ استرجع المبيع، أنَّه لا يرده. وذكرنا عن الشيخ أبي محمَّد ابن أبي زيد قال: هذا بعيد من أصولهم، فكذلك ها هنا. وقد يقال: بل هذه المسألة آكد، لأجل أنَّ الذي ذكرناه ممَّا استبعده الشيخ أبو محمَّد كأنَّه قضيَّة وقعت بإقرأر وترك، وهذه وقعت لغرامة وفعل فيجب أن تكون آكد.
ولو أنَّ المشتري لهذا العبد لم يبع نصفه ولكن تصدَّق بالنصف، فإنَّ هذا النصف المتصدق به يجب للمتصدق أخذ قيمة عيب هذا النصف كما لو تصدَّق بجميع العبد. وأمَّا النصف الآخر فإنَّه يحكم فيه بما ذكرناه من تخيير البائع بين أن يعطي قيمة نصف العيب المختص بهذا النصف، أو يمتنع فيخيَّر المشتري بين رده وقبوله لأجل ما قدَّمناه من التعليل هكذا. وروى عيسى عن ابن القاسم وقال عيسى عنه أيضًا: إنَّ للبائع التخيير إليه إذا زاد الثمن زيادة بينة، قال: أنا أختار أن نبيع نصف قيمة العيب في النصف المتصدق به. كأنَّه قدَّر أنَّ هذا البائع لمَّا باع، وهو يعلم أنَّ المشتري منه يمكن أن يبيع كلَّ المبيع أو يبيع نصفه بأن التراضي بعيب التبعيض، فلا يقدم في التخيير.
وأما الفوت من ناحية الصدقة، فإنَّه لا يختلف فيه أنَّ من اشترى عبدًا ثمَّ تصدَّق به أو وهبه، فإنَّ له قيمة العيب لكونه خرج عن ملكه ولا يمكن رده، مع كونه لم يستدرك الظلامة بأن أخذ عن العيب ولا عن جهة العبد عوضًا.
وقد تتوزع في الهبة لو كانت من المشتري لهذا العبد المعيب على ولد له يمكن اعتصار هذه الهبة منه، فقيل: ليس له أخذ قيمة العيب لما كان قادرًا على ارتجاع العبد إلى ملكه من غير اختيار الموهوب، فكأنَّه على هذا التقدير لم يخرج عن يده ولا عن ملكه. والعبد إذا لم يخرج عن يده ولا تغيَّر في نفسه، فإنه لا يمكن من أخذ قيمة العيب. إلى هذا ذهب الشيخ أبو القاسم ابن الكاتب.