للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمبتاع في الجهل بالعيب، اقتضى ذلك جواز بيع البراءة في العروض وسائر المتملّكات. لكن من قصر ذلك على الحيوان قال: إنّ الحيوان كلّه تتلوّن أحواله بالصحّة والسقم، ولا يكاد يحاط بعيوبه، فيقوى تصديق المشتري بأنّه جهل العيب الّذي فيه، حتّى يعتقد أنّه قد استوى علمه وعلم البائع في العيب.

بخلاف العروض.

وأمّا من قصر ذلك على الحيوان النّاطق، فإنّ من المتأخّرين من ذهب إلى علّة، ومنه من ذهب إلى عكسها. فقيل: إنّ الرّقيق يخبر بعيبه، لكونه مِمّن ينطق ويعرب عن نفسه. وإِذا لم يقع منه سكوت لسيّده لمرض أصابه، لم يعلم سيّده ما به فعذر سيّده لكونه جاهلًا للعيب وصدق فيما قال.

ومنهم من قال: إنّ الرّقيق يكتم عيبه، ويستره عن سيّده، مخافة أن يزهد فيه فيبيعه. فعذر السيّد في جهله بعيبه، وصدّق في أنّه لا يعلم ما به، بخلاف البهائم الّتي لا تخبر بعيبها.

والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: أطلق العلماء من أصحابنا وغيرهم ذكر الخلاف في بيع البراءة من غير تعرّض لتفصيل العقود. وينبغي أن يلتفت في هذا إلى تقييد في هذا الإطلاق.

فإنّ من المعاوضات ما يشترط فيه التّماثل ولا يجوز فيه الرّبا والتّفاضل، كما قدّمناه في كتاب الصرف، وكتاب السلم.

وإِذا كان الأمر كذلك، فإنّ القرض وما في معناه لا يجوز فيه اشتراط البراءة من العيب, لأنّ ذلك قد يوقع في اشتراط الزّيادة والتّفاضل. لأنّ من أقرض عبدًا فشرط التبرّي من سائر عيوبه الّتي يعلمها واشترط في القضاء عبدًا سليمًا، فإنّ هذا نوع من اشتراط الزّيادة في السلف، وذلك لا يجوز.

وقد قدّمنا في كتاب السلم ما يجوز أن يعجّل من الدّيون الثّابتة في الذّمّة سلمًا أو قرضًا قبل أجله، وما لا يجوز من ذلك. ومنها ما يمنع فيه التّعجيل المشترط فيه الزّيادة أو النّقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>