للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتّبرّي من العيب يتضمّن شكًّا في الزيادّة أو نقصانًا، والشّكّ في حصول الرّبا في العقود كتيقّن حصول ذلك.

وهكذا جرى الأمر في بياعات العرُوض الّتي لا يجوز التّفاضل فيها، كبيع صاع قمح بصاع قمح على أن لا قيام بعيب في أحدهما، فإنّ ذلك يمنع، إِذا أجزنا البراءة في عيوب الطّعام والعروض. والشّكّ فيه من حصول التّفاضل بين الطّعامين، والشّكّ في حصول التّفاضل كالتّيقّن به. ونحن وإن كنّا نجيز صاع قمح طيّب بصاع قمح دنيء، ولا نلتفت في أحكام الرّبا إلى اختلاف الصفات، وإنّما نلتفت إلى اختلاف المقدار، فإنّ هذا إنّما يصحّ مع اطلاع المتعاقدين على صفات الطّعامين، فيكون ذلك تراضيًا بالعيب.

وأمّا إذا وقع الاشتراط في أن لا ردّ بعيب، فإن ذلك يصير العقد إلى المماكسة والقصد إلى التّفاضل في الصفات، على حسب ما كنّا قدّمناه في أحكام المراطلة في مسائل صوّرناها هناك.

وإن استوى وزن الذّهبين، فهذا عندي مِمّا ينظر فيه مع القول بجواز البراءة في عيوب الطعام والعروض. لكن بيع البراءة غررٌ، وينضاف إليه ها هنا منع آخر وهو ما أشرنا إليه في أحكام الرّبا.

والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:

أمّا اختلاف حال المتبايعين فإنّه لم يثبته مالك مرّة، بل ساوى بين سائر البائغين في جواز التّبرّي من العيوب وفي المنع من ذلك. وقد كنّا قدّمنا أنّ

بعض المتأخّرين ينكر الخلاف عنه في كون. بيع السطان بيع براءة. واعتّل الشّيخ أبو القاسم بن الكاتب بكونه لم يختلف قوله في بيع السلطان خاصّة، واختلف قوله فيما سواه، على حسب ما حكيناه، لأجل أنّ بيع السلطان على المفلس أو لقضاء ديون من تركة ميّت حكمٌ منه بالبيع، وبيع البراءة مختلف فيه كما قدّمناه، والسطان إذا حكم بأحد أقوال العلماء لم ترد قضيّته عند من يرى خلاف رأيه فيما حكم به.

<<  <  ج: ص:  >  >>