للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الّذي قاله الشّيخ أبو القاسم فيه نظر عندي, لأنّ السلطان لم يتعرّض في البيع إلى خلاف أو وفاق، ولا قصد إلى حكم بإنفاذ بيع على البراءة فينفذ حكمه، وإنّما فعل في نفسه فعلًا أوجبه الشّرع عليه من قضاء ديون من تركة ميّت أو بيع مال مفلس، ولم يقصد إلى إمضاء الحكم بجواز البراءة وإنفاذها، وإنّما المقصود إيصال أهل الحقوق إلى حقوقهم. فلم يجر هذا مجرى ما قصد إلى الحكم به. وسنبسط القول في أحكام القضاء بما اختلف النّاس فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وبعض أشياخنا يثبت الخلاف في بيع البراءة، ولو كان السلطان هو الّذي تولّى البيع، ويتعلّق بقول سحنون: إنّ مالكًا قال، في القديم، بيع السلطان وبيع الميراث لا قيام فيه بعيب ولا بِعهدة، على حسب ما ذكره سحنون في هذه الرّواية. فقدله: كان يقول في القديم إشارة منه إلى أنّه له قولٌ آخر، وإن كان البيع بيع السلطان. فقال ابن القاسم: إذا بيع عبد على مفلس فللمشتري أن يردّه بالعيب. وهذا أيضًا إثبات الخلاف في بيع السلطان.

وأمّا بيع الورثة لقضاء الدّيون وتنفيذ وصايا، فإن فيه الخلاف المشهور، فاقتصر مرّة على ثبوت البراءة في بيع السطان، ومرّة أخرى أضاف إلى ذلك بيع الميراث ومراده في بيع أهل الميراث ما باعوه لقضاء دين أو إنفاذ وصيّة. وأمّا ما باعوه لأنفسهم، بحكم الانفصال من شركة بعضهم لبعض، فلاحقٌ ببيع الرّجل مال نفسه بالبراءة. فظاهر المذهب يقتضي اختلافًا في بيع البراءة، هل يصحّ بالاشتراط أو لا يصحّ ويثبت (١) إلا لمن اقتضى الحكم كون مطلق بيعه بيع براعة. فإذا قلنا: لا تصحّ البراءة إلاّ في بيع السلطان، أو في بيعه وبيع الورثة، ونفينا بيع البراءة في حقٌ هذين (٢) وإن اشترطوهما (٣)، تضمّن ذلك كون الشّرط


(١) هكذا في النسختين، ولعلها على معنى النفي أي: ولا يثبت.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: في حق غير هذين.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: اشترطوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>