لا يؤثر فيها. وإن قلنا: تصحّ البراءة لمشترطها، وإن لم يكن سلطانًا ولا وارثًا، اقتضى ذلك ثبوتها بالاشتراط.
وقد قال مالك في الموّطأ: من باع عبدًا أو وليدة من أهل الميراث أو غيرهم على التبرّي، فقد برئ من كلّ عيب. وهذا الإطلاق يقتضي ثبوتها بالاشتراط لقوله: أهل الميراث أو غيرهم. وكان من يثبتها بالاشتراط يرى أنّ علّة الجواز استواء البائع والمبتاع في الجهل بالعيب، على حسب ما قدّمناه.
فإذا اشترط البراءة فقد أخبر أنّه جاهل بالعيب كجهل المشتري به، فصحّ اشتراطه. وإن قلنا: إن الاشتراط لا يؤثر فيمن لا يقتضي مطلق بيعه البراءة، فإنّ ذلك مبنيّ على أنّ ما لا يقتضيه من البراءة إطلاق العقد فلا يقتضيه الاشتراط، كما لو اشترط البائع البراءة مِمّا علمه من العيوب فكتمه، فإنّ ذلك لا ينفعه لمّا كان إطلاق عقد البراءة لا يتضمّن البراءة من عيوب يعلمها البائع.
فإذا تقرّر هذا وقلنا إنّ بيع السلطان يقتضي إطلاقُه البراءة من العيوب , فإنّ ذلك يشترط فيه أن يكون المشتري عالمًا بأنّ السلطان هو الّذي باع، أو باع من أمره السلطان بالبيع. فإن لم يعلم ذلك وظنّ أن البيع واقع مِمّن لا تنفذ أحكامه، بل هو بيع رجل مالَ نفسه، فإنّه لا يسقط مقاله في العيب، ويكون بالخيار بين أن يتمسّك بالمبيع على البراءة من العيوب أو يردّه.
وقيل: لا مقال له في العيوب. وهذا يحمل على أنّ من ذهب إلى هذا اعتقد أنّه ادّعى ما لا يشبه، لكون بيع السلطان لأنّه في غالب العادة إنّما يكون في مجمع واحتفال.
وأمّا لو كان البيع وقع من الورثة لقضاء دين أو إنفاذ وصايا، أو من وصيّ باع لقضاء دين أو إنفاذ وصيّة، لا لإنفاق على من في ولايته، فإنّ المشتريَ إذا لم يعلم بذلك فإنّه لا يسقط حقّه في القيام بالعيب، لكون هذا مِمّا قد يخفى عن المشتري حال البائع. بخلاف بيع السلطان الّذي قلنا على أحد القولين إنّه لا يخفى ذلك. وبيع الوصيّ تثبت فيه البراءة بشرط أن يبيع لِدين أو لإنفاذ وصيّة.