للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاكم إذا أخطأ النص فإنه ينقض حكمه. وإن تغير إلى الظن أنه أخطأ في الأول فيتخرج على القول (١) في نقض الظن بالظن، كنقض الحاكم حكمه إذا غلب على ظنه أنه أخطأ فيه. وكالمصلي إلى القبلة باجتهاد ثم غلب على ظنه أنه أخطأ.

وإن اشتبه عليه ماءان ومعه ماء تيقن طهارته فيقتصر عليه ولا يعدل عنه إلى التحري، فيكون ترك اليقين للشك. وهذا عكس الأصول. وإنما لم يقسه على عدول الحاكم على النص إلى الاجتهاد، وإن كان ممنوعًا أيضًا. لأن الحاكم يقطع بخطإ ما خالف النص وهذا لا يقطع بنجاسة ما تحراه. فإن قيل فإن التطهر بالمياه اليسيرة جائز، وإن كانت بقرب البحار والأنهار وهي مجوز عليها أن تكون نجسة. والبحار والأنهار مقطوع بطهارتها فقد صح العدول عن اليقين إلى الظن. قيل لا حكم لهذا التجويز لعدم تيقن النجاسة. والإناءان مقطوع بنجاسة أحدهما فافترق الأمران.

فإن اشتبه الماءان على رجلين فتحرى كل واحد الماء الذي لم يتحره صاحبه، فإنه لا يصلي أحدهما مؤتمًا بصاحبه في الصلاة التي تطهير لها بالماء الذي خالفه فيه لاعتقاده أنه مخطئ فيه. وكذلك لو كثرت الأواني وكثر المجتهدون واختلفوا. فكل من ائتم منهم بمن يعتقد أنه تطهير بالماء النجس فصلاته لا تصح لما قدمناه.

والجواب عن السؤال السابع: أن يقال: أما خبر الواحد العدل عن نجاسة الماء فمقبول يجب الأخذ به إذا بين وجه نجاسته. لأن هذا من باب الإخبار، لا من باب الشهادة. وما طريقه الإخبار يقبل فيه خبر الواحد. هذا الظاهر من مذاهب المحققين. وإن كان قد تنازع أهل العلم في بعض فروع هذا الأصل كخبر الواحد عن الهلال. والمشهور عندنا أنه لا يقتدى به. ومما يؤكد ما قلناه قول عمرو بن العاص يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع. والظاهر أنه سأله ليقبل خبره. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تخبرنا يا صاحب الحوض (٢). فلولا أن للخبر الواحد تأثيرًا في هذا المعنى لم ينهه عمر رضي الله


(١) على القولين -ق-.
(٢) مالك عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في =

<<  <  ج: ص:  >  >>