للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعلق بأثر، والثاني تعلق بأثر (١).

فأمّا الأثر فقد قدمنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم وإذا أَتبع أحدكم على مليء فليتبع" (٢) فيقول مالك والشافعي: قوله: "يتبع" عمومه يقتضي أنه يتبع المحال عليه، فُلِّس أو لم يفلس. وهذا يوجب ألاّ يرجع على المحيل.

ويقول أبو حنيفة وأصحابه: قد شرط في أول الحديث كون المحال عليه مليئًا، فقال: "وإذا أَتبع أحدكم على مليء فليتبع" إنما يجب الاتباع مع الملاء، فإذا وقع الفلس سقط الاتباع، وإذا سقط الإتباع وجب الرجوع على المحيل.

وقد انفصل الشافعي عن تأويلهم هذا بأن الفلس لو كان يُسقط الاتباع، ويوجب الرجوع على المحيل، لم يكنْ للتقييد بالملاء فائدة، إذا كان الفقر والفلس يوجب الرجوع على المحيل، ولكان القول: إذا أَتبع على إنسان فليتبعْ؛ لأنه إن كان يجد ما يأخذ منه حصل على حقه، وإن لم يجد رجع على المحيل، وإنما فائدة التقييد بالملاء أن يستظهر المحال لنفسه، ويحتاط لدْينه، حتى يقبل (٣) الحوالة إلا على مليء تثق نفسه به، فإن حدث فلس لم يرجع على المحيل فإذا علم أنه لا يرجع على المحيل احتياطًا (٤) لنفسه بالكشف عن حال المحال عليه.

وأجاب أصحاب أبي حنيفة عن هذا الذي قال الشافعي بأنه إذا ظهر فلسٌ تأخر أخذُ الحق، فإنما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا التقييد بالملاء أن يحتاط لنفسمعتى لا يتأخر حقه إذا فلس المحال عليه، ووجب الحصاص والخصام فيما عليه، فإنما فائدة التقييد بالإشارة إلى التحرز من لحوق الضرر إما بتأخير الطلب والاستيناء، كما يقول أبو حنيفة، وإما بإسقاط الطلب عن المحيل إسقاطًا


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب بنظر.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) هكذا في النسختين، والأظهر: [لا] يقبل.
(٤) هكذا في النسختين، والصواب: احتاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>