للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤبدًا. والنظر في إسقاط الطلب عنه، مؤبدًا أو مؤجلًا، فيه احتمال أن يكون هو المرادَ.

وأما التعلق بما يروَى في ذلك عن الصحابة، رضي الله عنهم، فإن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، رُفِع (١) أمر حوالة أو كفالةٍ، فُلِّس المجهول (٢) عليه، فقال: يرجع صاحبها لا تَوَى على أمن (٣) مسلم. يعني لا هلاك على ماله. وقد قال الشافعي لمحمد بن الحسنِ: لِمَ جعلتَ فَلَس المحال عليه يوجب رجوع المحال على المحيل؟ فذكر له حديث عثمان، فقلت له: من رواه؟ فقال: مجهول غير (٤) معروف وهو مقطوع. يعني أن الراوي عن عثمان هذا الحديث لم يلق عثمان، فهو مرسل من جهته، وأن الراوي رجل معروف وهو الراوي الذي أرسل الخبر، رواه عنه رجل مجهول. وقد سمّى هذا المجهولَ، وهذا المعروفَ، ابنُ المنذر في كتابه (٥). فالتعلق بهذا ضعيف لأن العمل بالمراسيل فيه اختلاف، ورواية المجهول لا يعوّل عليها. وقد شك الراوي فيما رُفع إلى عثمان رضي الله عنه: هل رفع إليه أن ذلك كان حوالة أو حمالة؟ ولا شك أن الحمالة لا تسقط الدين عن المضمون المتحمَّل به.

ويتعلق أصحابنا، وأصحاب الشافعي، بأن جد سعيد بن المسيب كان له على عليّ رضي الله عنه دين، فسأله أن يحيله به على رجل آخر، ففلس المحال عليه، فأتى جد سعيد إلى عليّ رضي الله عنه شاكيًا ذلك إليه، فقال له: اخترتَ علينا، أبعدك الله. ولم ينكر ذلك عليه أحد، فدل ذلك على أن فلس المحال عليه لا يوجب رجوع المحال على المحيل.


(١) أي: إليه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: المحال.
(٣) هكذا في النسختين، والصواب: اِمْرِي.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عن.
(٥) انظر تمامه في: البيهقي: السنن الكبرى: ٦: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>