للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حق المحيل، بمعنى أنه لا يرجع عليه، وكونه قد أحال غريمه لكونه قد دفع إليه حقه وقبضه منه.

وبعض أشياخي يشير إلى أن هذا الاختلاف مبني على كون الحوالة بيعًا أو ليست ببيع وإنما طريقها المعروف فإن قلنا: إنها بيع لم تُنقض الحوالة بانتقاض البيع الذي أحيل بثمنه، كما قال ابن القاسم، وهي كبيع وقع بعد بيع، ألا ترى أن من باع عبدًا بمائة دينار، ثم أخذ بالمائة دينار من المشتري سلعة، ثم استحق العبد، فإن البيع في الثوب لا يبطل وإن بطل ما يبنى عليه وهو بيع العبد.

وكذلك الحوالة إذا قدرناها بيعًا لم تبطل ببطلان البيع الأول الذي بنيت الحوالة عليه.

وأنكر بعضهم هذا التشبيه بأخذ الثوب من ثمن العبد فقال: إنما مشتري العَبد إذا استحق من يديه أن يرجع بثمن العبد، وليس الثوبُ هو ثمنَ العبد فيرجع فيه، ولا الذمة هي نفس الثمن، وإنما هي محل الثمن، وثمن الثوب دنانير كانت في الذمة، فإذا بطل البيع في الذمة (١) العبد، وبطل الثمن، صار كمن اشترى ثوبًا بدنانير فاستحقت الدنانير من يده فإنه لا يبطل البيع باستحقاقها.

لكن إنما يتبين صحة البناء الذي ذكرناه بأن العبد لو باع (٢) بدنانير ثم اشترى رجل تلك الدنانير من بائع العبد الذي استحقها في ذمة مشتري العبد بما يجوز له أن يشتري هذا الدين، ثم استُحق العبد فإن الثمن لا يبطل بل يلزم مشتري العبد أن يدفعه لمشتريه من البائع، ويرجع هو بذلك على بائع العبد منه.

وهذا لم يختلف فيه ابن القاسم وأشهب، وهو يؤكد هذا البناء الذي بنيناه من أن الحوالة إذا قدِّرت كالبيع فإن الصواب ما قال ابن القاسم في أن الحوالة لا تبطل باستحقاق العبد الذي وقعت الحوالة على ثمنه. وإن قلنا: ليست ببيع وطريقها


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب حذف الذمة.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بِيعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>