للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعروف بطلت الحوالة كما قال أشهب. ويؤكد ذلك أن هذا الثمن لو تصدق به البائع على رجل، أو وهبه له، فاستحق العبد، أن الهبة والصدقة بطلت لما كانت الهبة والصدقة لم تقبض، فأما إن قبضت وأَفَاتها المتصدق عليه، فإنه لا يُرجع عليه؛ لأنه سلطه المالك لها عليها بالصدقة فأكلها على أنه لا غرامة عليه، فلا يلزمه بعد ذلك أن يغرمها، ويَرجع دافعُها إليه على بائع العبد بما أمره أن يخرجه من ذمته بالصدقة. وأما إن كانت قائمة بيد المتصدق عليه: فهل لدافعها إليه، وهو مشتري العبد، أن يستردها منه لكونه دفع ما لم يُستَحق عليه في الباطن غلطًا منه، والذي دفعه قائم بعينه فرجع (١) فيه، أو يمنع من ارتجاع ذلك من القابض وإنما يرجع على بائع العبد منه، كما لو قبض البائع ثمن عبده وتصدق به فإنه يرجع عليه بما تصدق به؟

اختلف قول ابن القاسم في ذلك، وهذا ومسألة النكاح إذا تصدقت المرأة بصداقها على رجل فلم يقبض الصدقةَ المتصدَّقُ عليه حتى طلقها الزوج قبل الدخول، وهو موسر، فإن الزوج يدفع الصداق إلى المُتَصدَّق عليه، ويرجع هو بنصفه على الزوجة التي أمرته أن يدفعه إلى قابضه منه، وصار ذلك بالصدقة كالفوْت للصداق المتصدَّق به، وسقوطه بالطلاق بعد الهبة كسقوط الثمن في مسألة الحوالة بالاستحقاق، وما وقع من الاختلاف في مسألة الصدقة بالصداق، و (٢) يذكر وجهه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.

وقد أشار بعض الأشياخ إلى بناء مسألة الحوالة على طريقة ثالثة، وهي تقدير الحوالهّ كالفوت لِمَا وقعت الحوالة به، فيكون الأمر كما قال ابن القاسم، و (٣) ليس ذلك كالفوت؟ فيكون الأمر كما قال أشهب.

ولما كان معتمَد بعض الأشياخ في إجراء الخلاف على كون الحوالة بيعًا


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فَيَرجع.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حذف الواو.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>