للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوليست ببيع، كما تقدم بيانه، نذكر الآن الخلاف في ذلك وسببه.

وظاهر المذهب عندنا على قولين: هل الحوالة كالبيع أو ليست كالبيع وإنما طريقها المعروف والإرفاق؟

وكذلك نظر أصحاب الشافعي على أن عندهم في ذلك قولين.

واعتل من قال: إنها ليست كالبيع بثلاثة أوجه:

أحدها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل" (١) وهذا أمر أقل مراتبه أن يحمل على الندب والاستحباب ولم يَرِد الشرع بإيجاب البيع ولا بالندب إليه على الإطلاق، وإنما ورد الشرع بالندب إلى فعل المعروف والإرفاق.

الوجه الثاني أن البيع يجوز مع اختلاف الأجناس، ومع الزيادة والنقصان، ولا يجوز ذلك في الحوالة كما تقدم في صدر الكتاب.

الوجه الثالث: أن الحوالة تجوز بدنانير على دنانير ويجوز الافتراق قبل التقابض. فلو كان ذلك بيعًا لكان ذلك كالصرف الذي لا يجوز فيه الافتراق قبل التقابض.

وأما من لم ينكر كونها بيعًا فإنه يقبل (٢) بأن حقيقة البيع في اللغة نقل الملك بعوض، وهو ها هنا قد انتقل الملك بعوض فثبت له حقيقة البيع،

واشتراط الشرع في جواز هذا البيع شروطًا لا تخرجه عن كونه بيعًا، وكذلك اختصاص الحوالة بتسمية الحوالة، ألا ترى أن بيع الدنانير بالدراهم واختصاصه بحكم، وهو منع الافتراق قبل التقابض، واختصاصه بتسمية وهو الصرف، لا يمنع ذلك من كون حقيقة البيع قد حصلت فيه.


(١) سبق تخريجه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>