للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال السابع أن يقال:

قد قدمنا أن حقيقة الحوالة أن تكون على دين، وأن اشتقاقها يوجب ذلك؛ لأنها مشتقة من التحوّل، والتحول لا يكون إلا متضمنًا لمكانين أحدهما هو الذي يزول عنه اللّيث (١) فيه. والآخر هو الذي ينتقل إليه. وكذلك الحوالة في الديون تقتضي أن يكون لِإنسان دين في ذمة رجل فيطلب به، فيقول له: تحولْ عن ذمتي إلى أن يصير لك في ذمة رجل أخرى (٢) عليه دين مثل دينك.

وهكذا أصْل المذهب، وعليه بنيت فروع هذا الباب، ألا ترى أن المذهب في رجل تحول بدين على ذمة رجل آخر فلما مات المحال عليه، قال المحال: أحلتني على غير أصل ديْن، فلي الرجوع عليك. وقال المحيل: أحلتك على دين لي عليه. فإن القول قول المحيل.

وهذا الذي قاله أصحابنا مبني على ما قدمناه من أن الحوالة حقيقتها أن تكون تحوّلًا عن دين في ذمة إلى ذمة أخرى فصار مدّعيًا أن الحوالة كانت على غير دين بعد اعترافه أنهاكانت حوالة، يدعي إبطال ما أقر به وإبطال حقيقة اللفظ الذي اعترف به.

ومن هذا أيضًا ما أشار إليه ابن الماجشون في المبسوط، فيمن تحول بدين له على رجل على رجل آخر فقال المحيل: ادفَعْه إليّ لأنّي إنما وكلتك على قبضه وسلمْه إليّ. وقال المحال: بل كنتُ استحقه عليك دينًا من قبل الحوالة: إن المدعي لكونه حوالةً إذا ادعى من ذلك ما يشبه صدقا (٣)، وإلا كان القول قولَ المحيل: إنك وكيل لي على القبض. فأنت تراه كيف أشار إلى أن القول قول من ادعى ما يقتضيه اللفظُ وحقيقةُ هذه التسمية وكونُها دالةً على أن الحوالة على دين. ألا ترى أن قرائن الأحوال على أنه ليس بمحال بل هو وكيل، فيكون


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: اللُّبْث.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: آخرَ لِي.
(٣) هكذا في النسختين، والصواب: صُدِّق.

<<  <  ج: ص:  >  >>