للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول قول من ادعى ما دلت عليه قرينة الحال. وإن كان قد وقع لابن القاسم في العتبية، فيمن أحال رجلًا بدين له عليه على رجل آخر، فقال المحيل: إنما أحلتك على دين لي يكون ذلك سلفًا عندك ترده إليّ. وقال القابض: ما أخذته إلا عوضًا عن دين كان لي عليك: إن القول قول المحيل. مع كون المحيل ادعى أن هذه الحوالة كانت على غير دين يستحقه المحال.

وأشار بعض أشياخي إلى أن هذا كالمخالف لما أصلناه، ولما حكيناه عن عبد الملك، مع كون هذه المسألة آكد في تصديق القابض الذي يقول: ما قبضت دينك إلا من دين كان لي عليك. وهذا اتفاق منهما على أن المقبوض قبض على أنه ملك للقابض.

وهذا الذي أشار إليه شيخنا من التخريج للخلاف فيه (١)، وذلك أن قول المحيل: إنما قبضته ليكون لي سلفًا عليك، يشبه الحوالة على الديون لأنه لما التزم له أن يسلفه مائة دينار صار ذلك كدين عليه لمن سأله في السلف. وإذا صار كدين له عليه صارت الحوالة ها هنا على دين باتفاقهما جميعًا. وإنما تنتقل المسألة إلى أصل آخر، وهو من قال: قبضت من زيد مائة دينار كانت لي عليه، وقال زيد: إنما دفعتها إليك ليكون سلفًا لي عليك، فإن في المسألة قولين: هل يصدق القابض؛ لأنه ما أقر بعمارة ذمته، ولا أقر إلا بقبضٍ شرَط فيه أنه يستحق، فلا يؤخذ بأكثر مما أقرّ به. والقول الآخر: إن القول قول الدافع في أنه إنما دفع ذلك سلفًا؛ لأن القابض لو أتاه قبل أن يقبض منه شيئًا، فقال له: لي عليك دين، فأنكره المدعَى عليه، فإن الإجماع على أن القول قول المدعى عليه، فكذلك أن يجب أن يكون القول قوله. في صفة ما دفع، وأنه دفعه سلفًا لا قضاءَ عن دين؛ لأن الأصل أن القول قوله في إنكاره دعوى المدعِي عليه الدينَ.

والأصل أيضًا أنهما اتفقا على أن هذا المقبوض الذي حازه قابضه أصلُ الملك فيه لدافعه، وإذا وقع اختلاف التداعي قدمنا الأرجح، والرجحان ها هنا في جنبة


(١) هكذا في النسختين، والمعنى: فيه [نظر].

<<  <  ج: ص:  >  >>