للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من اعتُرِف له بأصل الملك، وادعى عليه أن ملكه سقط، واحتج المدعي بالحيازة، فإن ذلك لا يقبل منه؛ لأن الحيازة، وإن كانت ترجيحًا لدعوى الحائز، فاعتراف الحائز لغيره بأصل الملك أقوى من دلالة الحيازة، ألا ترى أن رجلًا عليه ثوب، فقال له رجل: أعرتك إياه. وقال اللابس الحائز: وهبتَه لي.

إن القول قول المقَرّ له بأصل الملك، وأن ثوبه إنما خرج من يده على جهة العارية لا على جهة الهبة، والتمليكِ المؤبد.

وهذا الذي ذكرتُه عن بعض أشياخي في أنه جعل المذهب على قولين مما قدمناه في المسألتين: مسألة ابن القاسم في العتبية، ومسألة ابن الماجشون في المبسوط، هكذا الأمر عند الشافعية في مسألة المبسوط إن المذهب عندهم فيه على قولين:

أحدهما: أن القول قول المحيل، لما قدمناه من أنه اعترف له من ينازعه أن أصل الملك له. وهو مذهب شيوخهم، وبعض الأئمة من حذاقهم المتأخرين.

وهذا التفات إلى المعاني والأصول المفردة في الشرع، واطّراح دلالة اللفظ الذي هو اسم الحوالة، فإن ذلك إنما يكون ترجيحًا في الدعوى ما لم يصادمه ترجيحٌ آخر هو أقوى منه من الاتفاق على أصل الملك، وكون المدعى عليه بدين القولُ قولُه باتفاق. ومنهم من ذهب إلى أن القول قول القابض: إني إنما قبضت ما أستحقه عوضًا عن دين لي عليك، ولم أقبض على أني وكيل لك، تمسكًا من هؤلاء بدلالة هذا اللفظ واشتقاقها على حسب ما قدمناه. وقد بيّنا ضعف اعتلال أصحاب هذا المذهب.

وإذا تقرر هذا فإن قضاء القاضي بأن القول قول المحال: إني قبضت ما أستحقه فلا تفريع على هذا المذهب.

وإنْ حُكِم بأن القول قول المحيل، ترجيحا له بما قدمناه، فهل للمحال أن يرجع على المحيل؟ هذا مما اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إذا رفع أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>