للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحوالة كأنها بيع دين بدين، كما قدمناه، والمراد بها أن يقال من (١) له الدين: ملّكْني ملك (٢) مِن دييب على رجل معين بالدين الذي لي عليك. فالمعاوضة تقتضي نقل ملك بملك، فإذا كانت على غير دين اتضح (٣) المعاوضة، وإذا لم تصح بطلت.

وهذا إفراط في اتباع التسميات.

ولو أسقط رجل دينًا له على رجل هبة منه له من غير عوض يأخذه من أخذ (٤)، لصح ذلك وجاز، إذا قبل ذلك من عليه الدين، فكذلك إذا أسقط حقه عليه بأن يقوم له به رجل آخر على جهة الهبة، وكان المتلزم القيامَ بهذا الحق هو الواهبَ لمن عليه الدين، فصار ذلك كهبة من له الدين، ولا يمتنع في الشرع أن يبذل إنسان مالًا على أن يُسقط رجل حقه من رجل آخر، ألا ترى أن رجلًا لو قال لرجل: اعتقْ عبدَك، وعليّ مائة دينار، لجاز ذلك، وإن كان باذلُ المائة دينار لم يرجع إلى يديه عنها عوض. وكذلك إذا قال له: طلق زوجتك، وعلى مائة دينار. فإن هذا أيضًا لا يُمنَع منه.

فإذا تقرر أن الحوالة على غير دين تصح فلا يخلو أن يكون المحال قد علم أنه أحيل على غير دين فرضي بذلك، أو اعتقد أنه أحيل على دين، ثم ظهر أنه إنما أحيل على غير دين. وإن كان عالمًا بأنه أحيل على غير دين، ورضي بذلك، فلا مقال له عند جمهور العلماء، كما قدمناه. وإن كان لم يعلم بذلك، فله مقال في فسخ هذه الحوالة، لأجل اختلاف الناس في سقوط حق المحال على المحال عليه إذا فلس (٥) عليه أو مات، كما سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لِمَن.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مَالَكَ.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لَمْ تَصِحَّ.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: آخر.
(٥) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إذا فُلس [المحال] عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>