للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما كان من ذكرناه يعدم النظر لنفسه في هذا عدما كليا، كالمجنون أو عدم انتقاصٍ عن الكمال، كالصغير والسفيه، نظر الشرع لهم فأمر الآباء والأوصياء والحاكم بالنظر لهم صيانة لأموالهم التي بصيانتها قوام حياتهم وحفظ عيشهم.

وقد نبه الله سبحانه على هذا التعليل، فقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا} (١). فنبه على أن بها قوام الحياة، إذ الحياة لاتثبت إلاّ مع الغذاء، والغذاء لا يتوصل إليه إلا بمال، فإضاعة مالهم كإضاعة حياتهم.

والثاني: من يحجر عليه لحق غيره، وهم من يملك رقبة من في يده المال، كالسيد مع عبده، فإن له أن يأخذ ما في يده ويمنعه من التصرف فيه، أو يبقيه في يده ويمنعه من التصرف فيه. فإن شئت عبرّت عن هذا بأن تقول: من يملك ما في يد من يحاول الحجر عليه، على القول بأن العبد غير مالك. أو تقول: من يملك ما في يديه إن شاء، أو يرجى له أن يملك عَين ما في يد من يحجر عليه، كالمريض مع ورثته: فإنهم وإن لم يكونوا ملكوا أعيان ما في يديه لمرضه، فإنهم يُرجى لهم ملك عين ما في يديه.

وكذلك أيضًا المرتد مع المسلمين: فإنهم وإن لم يستحقوا إلَاّ (٢) أعيان ما في يديه، فإنهم يُرجى لهم ذلك إذا لم يرجع إلى الإِسلام. وعلى القول الشاذ عندنا أن المرتد إذا عاد إلى الإِسلام لم يرجع إليه ماله، يلحق هذا بمن ملك الآن عين ما في يد المحجور عليه، كما قلناه في العبد، أو من يملك الانتفاع بما في يد من يحجر عليه، كالزوج مع زوجته، أو يملك ذمة من يحجر عليه وهم الغرماء مع من فلسوه.

وهذا أخر التنويع الذي ذكرناه. فحصل من هذا أن الذين يحجر عليهم لحق غيرهم أربعة:


(١) النساء:٥.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب حذف: إلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>