للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"إن صاحبكم محبوس دون الجنة بدين عليه" (١) في رجل استشهد.

لكن أصبغ حمل الأحاديث الواردة في التشديد في الدين على أنها منسوخة، وأنها كانت قبل أن يفرض الله سبحانه الزكاة، ويأمران يقضي بها عن الغارمين، فصار بعد ذلك الإثم على السلطان إن لم يقض عن الميت دينه دون أن يكون في ذلك إثم على من مات معسرًا، إلا مَن ادان في سرف أو فساد. وذكر نحو ذلك عن ابن شهاب، وأكد ذلك بقوله عليه السلام: "من ترك مالًا لورثته" (٢) وفي رواية: "من ترك الكل للعيال التقيد ومن ترك دينًا فعلينا دينه" فقال رجل: يا رسول الله فمن لنا بعدك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: يأخذ الولاة بكم بمثل ما يأخذكم به لغرمائكم يوم القيامة" (٣)، ثم صار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يصلي على من مات وعليه دين.

وروي: أن معاذًا لما خلعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ماله لغرمائه، وبقي لهم فقالوا: يا رسول الله، كيف بالتباعة؟ فقال عليه السلام: "لا تباعة في الدنيا ولا في الآخرة" (٤) يريد بالتباعة الإثم.

وروي: "أن من ادّان دينًا ينوي قضاءه أداه الله عنه وإذا لم ينو قضاءه أتلف الله".

وفي حديث آخر: "إذا مات أخذ من حسناته وإن كان ينوي قضاءه فالله قادر أن يرضي عنه غريمه، وروي: أنه من ادان في غزو أو حج أو كفن ميت لا كفن له أو في صلة رحم أو نفقة على العيال أو في نكاح لخوف العنت فعلى الله سبحانه، وعلى ولاة المسلمين أن يقضوا عنه".


(١) مسند أحمد: ٤/ ١٣٦ - ٥/ ٢٠٧
(٢) فتح الباري: ١١/ ٤٤٤.
(٣) الطبراني عن سلمان: انظر السيوطي: رواه مختصرًا جامع الأحاديث: ٦/ ٣٣٢ - حد ٢١٦٢٨.
(٤) أقرب صيغة لهذا الحديث ما رواه البيهقي عن جابر. انظر: السنن الكبرى: ٦/ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>