للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث آخر: "قضى الله عنه يوم القيامة وهذا كله تشديد في الديون وتحذير من ترك قضائه وخاطب أيضًا طالبها من جهة أخرى بالرفق والمسامحة، فقال: "أحب الله عبدًا باع سمحًا، إذا قضى سمحًا، إذا اقتضى سمحًا" وقال: "ليأخذ حقه في عفاف واف" (١) أو غير ذلك وروي أنه عليه السلام قال: "من سره أن يفرج الله كربه ويعطيه سؤله" وفي حديث آخر أن يظله الله في ظله فلينظر معسرًا أو يخفف عنه" إلى غير ذلك مما أضربنا عن ذكره مما تعلق بهذا الحديث.

والجواب عن السؤال الثالث:

قد قررنا أن القاضي إذا رُفع إليه مَن عليه دين كان عليه أن يمكّن غرماءه من استيفاء حقوقهم، فإن تنصل منها الغريم وقضاها فلا مقال (له عليه الدين) (٢).

وإن امتنع من ذلك باع عليه ما ذكرناه، وكشف عنه، فإذا ثبت عسره أطلقه، ومنع الغرماء من مطالبته، حتى يجد ما يقضي منه دينه، وليس لهم بعد ذلك أن يلازموه عند مالك والشافعي.

وقال أبو حنيفة: بل لهم ملازمته واتباعه والتصرف معه حيث يتصرف، ويدورون معه حيث دار، ورأى أن ثبوت إعساره إنما يستوفي عنه مطالبتهم، وأما كل ما يؤدي إلى عشورهم (٣) على مال يأخذون منهم (٤) حقوقهم فلا يمنعون منه. وهم إذا منعوا ملازمتها (٥) أمكن أن يكسب مكسبًا يخفى عنهم، فصار المنع من ملازمته يؤدي إلى إبطال حقوقهم.


(١) جزء من حديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: ٦: ٥٣.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لمنْ له عليه الدين.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عثورهم.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: منه.
(٥) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ملازمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>