للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتج أيضًا برواية زياد عن أبيه حبيب أنه قال: أتيت بغريم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: "الزمه" ومرّ بي بعد ذلك وأنا معه فقال لي "ما فعلت يا أخا تميم مع أسيرك" (١) وهذا أمر بملازمة الغريم.

وأجيب عن هذا بأنه لما وافقنا على أنه لا تجب مطالبته فكذلك لا تجب ملازمته، ألا ترى أن الدين إذا كان مؤجلًا فليس للغرماء أن يلازموا الغريم وإن قرب الأجل لما كانوا لا يستحقون المطالبة، فلهذا لم يستحق (٢) الملازمة وأما حديث حبيب، فهي قضية في عين لم، يذكر سببها، ويمكن أن يكون أراد الملازمة حتى يثبت دينه عليه، أو حتى يخاصمه بين يديه. وإذا احتمل ذلك لم يكن لأبي حنيفة حجة في هذا الحديث مع احتماله.

ولنا عليه ما روي: "أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها، على عهد النبي عليه السلام، فأكثر دينه فقال عليه السلام: "تصدقوا عليه" فلم يبلغ وفاء دينه فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك" (٣).

وقد روي "أن معاذًا كثر دينه فلم يزد النبي عليه السلام غرماءه على أن خلع لهم ماله" (٤).

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:

قد قدمنا القول فيما يباع على الغريم إذا حكم بفلسه. وكان من حق هذه المسألة أن تذكر هناك، لكن تَوَخَّيْنَا موافقة الترتيب في المدونة.

فعند مالك والشافعي وأبي حنيفة أن المفلس لا يؤاجر في الدين.


(١) أخرجه البيهقي عن هِرماس بن حبيب عن أبيه عن جده: انظر السنن ج ٦ - ص ٥٢/ ٥٣.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يستحقوا.
(٣) البيهقي: السنن: ٦/ ٤٩ - ٥٠.
(٤) البيهقي: السنن: ٦: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>