للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر. والوارث إذا مسك مالًا فالغريم لم يستحق عينه، وإنما استحق مقداره، فلو قضاه الوارث دينه من مال آخر لم يكن له مقال. ففارق ذلك استحقاق العين لا غيرَها.

هذا حكم ضمان الوارث لما بقي تحريره (١) من تركه الميت المفلس.

وأما ضمان الغريم القابض إلى (٢) قبضه، فالمعروف من المذهب أنه يضمنه على أي حال كان تلفه، إذا قام عليه غريم طارئ طلبه في المحاصة، حتى ذكر ابن المواز أنه لو وقف لغريم غائب نصيبه من تركة الميت فضاع كان ضمانه منه. ولو طرأ غريم وقد ضاع مال الموقوف لغرم من وقف له المال لهذا الطارئ حصته التي تجب له في المحاصة بدينه حتى كأن هذا المال الموقوف قبضه من وقف له فيجب الرجوع عليه بما قبض.

وعارض بعض الحذاق من الأشياخ هذا وقال: إنما ينبغي أن يضمن الغريم الموقوف له المال ما وقف له، بمعنى أنه يبرأ المفلس من دينه الذي قبض منه ما أوقف له لا غير ذلك. وأما أن يكون يضمن ذلك في حق غيره فلا وجه له، كما نقول فيمن اشترى عبدًا من سوق المسلمين فاستحقه من يده رجل فإنه يأخذه، ولو وجده مستحقه قد مات في يد المشتري لم يكن له أن يغرّمه قيمته وإنما له تغريم الغاصب له، وأما مشتريه وإن كان ضامنًا له فإنما معنى ضمانه له أنه لا يرجع بالثمن على الغاصب الذي قبضه منه. وإن كان الغيب قد كشف أنه أخذ منه ثمن ما لا يستحق أن يأخذ ثمنه فكذلك إنما يضمن هذا الغريم بما نابه في الحصاص، بمعنى أنه يسقط دينه به بمقدار ما قبض. وأما أن يضمنه لغيره فلا يجب ذلك كما لم يضمن المشتري المغصوب منه العبد قيمتَه، وإن كان ضمانه منه لما مات في يديه.

وإذا طرأ غريم على الغرماء فقد ذكرنا أنه يقضى له عليهم بالمحاصة على


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: تحت يده.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>