للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: أما الحاضر الصحيح إذا خاف ذوات الوقت إن تشاغل بطلب الماء فإن في جواز تيممه قولين: المنع والجواز.

وبالمنع قال أبو حنيفة. وبالجواز قال الشافعي. فإذا قلنا بالجواز فهل يعيد الصلاة إذا وجد الماء؟ (١) فيه قولان: وبالإعادة قال الشافعي. فوجه المنع قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ. . . فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (٢).

فأباح التيمم للسفر أو للمرض. والصحيح المقيم خارج عنهما. فخرج عن أن يكون من أهل التيمم. ووجه القول بالجواز: أن التيمم إنما فرض لئلا تفوت الصلاة وتفعل قضاء، مع إمكان فعلها أداء. وهذه العلة موجودة في المقيم الصحيح كوجودها في المريض والمسافر فوجب أن يكون حكم الجميع سواء.

وأما وجه الاختلاف في الإعادة على القول بالجواز، (٣) فإن من قال بنفي الإعادة رأى أنه إذا كان مأمورًا بالتيمم ووجب إلحاقه بالمسافر والمريض، وجب أن لا يعيد، كما لا يعيدان: وأما من قال بالإعادة فإنه رأى أن المسافر مجمع على جواز التيمم له (٤). وهذا مختلف في جواز التيمم له. فاحتيط له بالإعادة لتبرأ ذمته من الصلاة من غير خلاف. وقد وقع للقاضي أبي محمَّد في هذا الباب تقسيم لم يف به كما ينبغي في صناعة التأليف. وذلك أنه قال وكل واحد من هذين الشرطين متعلق بشروط منها ما يعم ومنها ما يخص. وظاهر هذا أن لكل واحد من الشرطين شرطًا عامًا وشرطًا خاصًا. فذكر الشرط العام والخاص في أحد القسمين ولم يصرح به في الآخر، ويبينه (٥) كما بينه في صاحبه. وهذه مناقشة في عبارة ولست أرى الاشتغال بها إنما نبهنا عليها لتعرف.


(١) هكذا في جميع النسخ مع أن فرض المسألة في واجد الماء ولكونه خشي خروج الوقت إذا هو استعمل الماء.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٣) بجواز التيمم -و-.
(٤) ساقطة -ح-.
(٥) بينه -و-ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>