للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبينه، (ويكون لمن أقر له ثانيا، أنه بينه وبينه، نصف العبد الذي بقي في يد المقر، ويكون المقرّ له ثالثا نصف الربع الذي وقع في يد المقر وهو الثمن، ويبقى للمقر الثمن) (١). قال: وسمعت بعض أصحابنا يقول: يقضى للمقر له أوّلًا بنصف العبد، ويغرم بقيمة هذا النصف لمن أقر له به بعد ذلك.

ولو قال: هذا العبد كله لزيد بل لعمرو ولم (٢) يكن لعمرو على المقر شيء. قال أشهب: إلا أن يدفعه المقر إلى من أقر له به أوّلا. وهذا نفس ما حكيناه من الخلاف في إثبات الغرامة على المقر لكونه أتلف بالقول لا بالفعل.

وكأن أصحاب هذه الطريقة رأوا أن الاستهلاك الموجب للضمان هو دفع الملك لمن لا يستحقه. وأما استهلاك بالقول الذي أقتضى الشرع من أجله الاستهلاك فلا يوجب الضمان وكأن قوله: هذا العبد لزيد، وقوله بعد ذلك: بل لعمرو، وَإِذَنْ حصل منه اتلافه على عمرو بقول قاله لا بفعل فعله.

وقد اختلف المذهب عندنا في الشهود بزنى المحصن، فرجم بشهادتهم، ثم رجعوا عنها وقالوا: تعمدنا الكذب: هل يقتلون كما لو قتلوه بأيديهم، ويكون قولهم هذا الذي ألجأ القاضي إلى قتله كقتل بأيديهم أم لا؟

وأمّا ما ذكرنا عن أصحاب هذه الطريقة من التفرقة بين المقر له أوّلا: هل قبض أو لم يقبض، فإنهم قدروا أن القبض له تأثير يمنع من الشركة. وقد قيل في المذهب الأشهر عندنا: إن من اشترى سلعة من وكيل بائعها فباعها بائعها من آخر بعد أن باع الوكيل، ولم يعلم الوكيل بذلك: إن المشتري الثاني أحق بها إذا قبضها، فإن لم يقبضها كان الأول أحق بها. وقدّر من ذهب إلى هذا أن القبض شبهة توجب الترجيح على من هو أحق بالملك على الحقيقة وهو المشتري الأول. وهذا مما يطول استقصاؤه، ولعلنا أن نورد استقصائه في الموضع الذي يتعلق به الكلام على هذا الأصل. هذا الحكم في الإضراب عمن يستحق.


(١) ما بين القوسين هكذا. وهو غير واضح
(٢) هكذا، ولعل الصواب حذف الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>