للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يقبل ذلك منه كما لا يقبل الاستثناء المتراخى عن النطق بالمستثنى منه.

هذا في الإضراب عن المقدار بأقل أو بأكثر.

وأما لو كان الإضراب عن الصفة لجرى ذلك مجرى الإضراب عن المقدار مثل من يقول: لزيد عندي مائة درهم سودٍ بل مائة درهم بيضٍ. فإنه يقضى له بالبيض لكونه زاد في الإقرار، فهو كزيادة المقدار.

ولو قال: له عندي مائة درهم بيض بل سود. لقضى بالسود لأنه كالمستثني مقدار ما بين السود والبيض.

وأجرى أصحابنا الدنانير والدراهم هذا المجرى وقدروه كاختلاف الصفات. فإذا قال له: لك عندي درهم بل دينار. فإن الدرهم يسقط ولا يلزم المقر إلا الدينار، وكأنهم رأوا أن الدينار كالعبارة عن عشرة دراهم. ولو قال له عندي درهم بل عشرة دراهم لقضي عليه بالعشرة دراهم كما قدمنا.

وذكروا عن المخالف لنا أنه يرى إلزام المقر الدرهم والدينار جميعًا لكونهما كالنوعين.

وناقضوه بأنه يرى أنه من قال: له عندي دراهم بيض بل سود، أنه يلزمه أفضلهما. وكذلك ينبغي أن يلزم المقر الدنيار ويسقط عنه الدرهم لكون الدينار أفضل.

ولو اختلف النوع مثل أن يقول: لزيد عندي قفيز قمح بل قفيز شعير فقال محمَّد بن عبد الحكم من أصحابنا: إن في المسألة قولين: أحدهما: يلزمه الشعير لكونه أقل قيمته من القمح، فكأنه استثنى من القمح مقدار ما بينه وبين الشعير فلا يلزمه (١) الشعير. قال: والقول الآخر، وهو قول عندنا: إنه يلزمه القمح والشعير جميعًا.


(١) هكذا ولعل الصواب: فلا يلزمه [إلا] الشعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>