للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأقل من الأكثر، مع أنه أيضًا إذا لم يُعلم من (١) الأقل السامع جاز ذلك. وإنما يقبح إذا استثنى ما يعلم السامع أنه أكثر مما أبقاه. وتعلقوا أيضًا بقوله تعالى: {قمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (٢) وهذا لما ذكر الزيادة اقتضى ذلك الاستثناء (٣) الأكثر من الأقل لأن قوله تعالى: {إِلَّا قَلِيلًا} استثناء جار على الأصل وهو استثناء القليل، وقوله تعالى: {نِصْفَهُ} كأنه بدل من قوله تعالى: {قَلِيلًا} وعطف عليه قوله: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}. وأنشدوا أيضًا في ذلك قول الشاعر:

أدوا التي نقصت تسعين من مائة ... ثم ابعثوا حكمًا بالحق قواّلا

وهذا استثناء الأكثر من الأقل وإن لم يكن بحرف الإستثناء لكنه بكلمة ثابت مناب حرف الاستثناء، وهو قوله: التي نقصت تسعين من مائة. وأيضًا فإن التخصيص للعموم هو بيان مراد المتكلم، ويجوز التخصيص وإن كان ما خصص أكثر مما بقي في العموم، وكذلك يجب أن يكون في الاستثناء.

وهذا إنما يحسن الحجاج به على مذهب من قال من الأصوليين: إن اللغة تؤخذ قياسًا. وأما من أنكر القياس على اللغة فإن هذا لا يلزمه. وكثيرًا ما يتحد المعنى وتختلف أحكام إعرابه عند العرب، فلا يبعد أن يكون إخراج الأكثر من العموم يحسن عند العرب إذا كان بغير لفظ الاستثناء ويقبح إذا كان بحرف الاستثناء متصلًا بالكلام.

وقد أشبعنا هذا الفصل فيما أمليناه من أصول الفقه في إيضاح المحصول من برهان الأصول.

وأمّا إن كان الإستثناء مساويا للمستثنى منه فإن المانعين لاستثناء الأكثر


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يُعلَم الأقلُّ [من].
(٢) المزّمِل: ٢، ٣.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: استثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>