للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصف إلى العشر، وهذا كالكسر، لأن الخمسين من الألف كنصف العشر، فصارذلك في معنى استثناء الكسر.

وهذا الذي قالوه مستنكر عند جميع العلماء من أهل الفقه واللسان.

وأمّا استثناء الأكثر من الأقل، فالمشهور عند سائر الفقهاء جوازه. وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأكثر أهل اللسان.

وخالف فيه من الفقهاء عبد الملك ببن الماجشون من أصحاب مالك، فلم يجزه، ومن النحاة ابن درستويه فلم يجزه أيضًا، وذكر أنه ناظر على ذلك أبا علي بن أبي هريرة وهو من كبار أصحاب الشافعي.

واعتذر بعض الأشياخ عن ابن الماجشون بأنه لم يخالف في الحكم، وإنما خالف في استعمال العرب لذلك، فرأى أنها لم تستعمل استثناء الأكثر من الأقل، ولكنها وإن لم تستعمل ذلك فلا يسقط حكم الإستثناء في إقرار المقر إذا قال: له عندي مائة درهم إلا تسعين درهما. ويعتمد في ذلك على أن الاستثناء إنما يتبع فيه لسان العرب، وفي غيره من أنواع الكلام، ولم ينقل عنها استعمال استثناء الأكثر من الأقل، فوجب ألا يدخل ذلك في أحكام اللسان. واعتمد الجمهور على قوله تعالى: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ في الْأَرْضِ} (١) إلى قوله: {مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (١) فاستثنى في هذه الآية المخلصين تارة، واستثنى تارة الغاوين ولا بد أن يكون أحدهما أكثر من الآخر في الظاهر والأغلب. فتحصل من ذلك جواز استثناء الأكثر من الأقل. فانفصل بعضهم عن ذلك بأن قال: المخلصون ها هنا الملائكة والنبيون، وهم المراد بذلك إذ لم يذكر في صدر هذا الكلام لفظ سائر العباد، ومعلوم أن الملائكة والنبيين وجميع من في السماوات هم أكثر من الغاوين.

وهذا إذا حمل الكلام عليه كان استثناء من النوع الذي أجزناه وهو استثناء


(١) الحجر: ٣٦، ٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>