للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس عليَّ مما عليه من المال شيء. أو يقول: لا أضمن لك شيئًا سوى وجهه.

فإن هذا القول أيضًا يقتضي أنه لا يضمن إلا الوجه الذي استثناه يعد أن زعم نفي الضمان لكل شيء سوى ما استثناه.

ولو وقع اللفظ مطلقا فيه احتمال، مثل أن يقول: أنا حميل لك، وضمين لك بفلان. فهل يحمل على حمالة الوجه أو على حمالة المال؟ فاختلف المتأخرون في هذا:

فذهب بعض الأشياخ إلى أنه يحمل على حمالة الوجه لكونها أقل الأمرين وأدنى المتحمَّلين والأصل براءة الذمة، فلا تعمر بأمر محتمل (١) وهو اختيار أشياخي. وذهب بعض الأشياخ إلى أنه يحمل ذلك على حمالة المال، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الزعيم غارم" فأطلق الزعامة بمطلق الزعامة، وهي الضمانة، فاقتضى ذلك عنده حمل اللفظ على حمالة المال.

وهذا الاستدلال منه غير واضح، لأنه إنما قصد بالحديث بيان حكم وجوب المطالبة للكفيل بما ضمنه، ولم يقصد به بيان إطلاق هذه اللفظة التي هي الضمانة على ماذا تُحْمَل. على أن الغرامة إنما تكون في المال لا في الأبدان، إذ البدن لا يصح أن يُغرَم، فكأنه، قال: والزعيم غارم لما ضمن.

والضمانة التي تتصور فيها الغرامة إنما تكون في المال.

والجواب عن السؤال الثامن أن يقال:

إذا علمت إن المشهور من المذهب أن الحميل يغرم المال إذا غاب المتحمل به، وأن المشهور عند الشافعي أن لا يغرم مالًا إذا غاب أو مات.

وخالف في هذا رجل واحد عندهم وهو ابن سُريج كما خالف المشهور عندنا في غيبة المتحمل بوجهه ابن عبد الحكم فقال. لا يطالب الحميل بغرامة مال كما فرضناه. فإنّ حدثَ الموت بالمتحمل بوجهه لا يخلو إما أن يكون


(١) هكذا، ولعل الصواب: مشكوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>