للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مات بالبلد، أو مات بعد أن غاب عن البلد.

فإن كان مات وهو بالبلد فالمعروف من المذهب أن الحمالة ساقطة، بخلاف لو تغيب عن البلد، أو تغيب في البلد فإن الغرامة لازمة. وذلك لأنه مع التغبيب يمكن احضاره، والتغيب مما يكتسب ويكتسب التحفظ منه، فإنما أخذ الحميل بالوجه ليتحفّظ بمن تحفل بوجهه حتى لا يغيب، فإذا غاب توجهت الغرامة، لأنا إنما أجزنا الحمالة لما تؤدي إليه من الغرامة، وأن القصد بها تحصين ما في الذمة من الدين.

والموت لا يمكن اكتسابه ولا التحفظ منه.

فلهذا لم يضمن الحميل لموت المتحمَّل بوجهه لعدم القدرة البشرية على دفع الموت (١) من فرغ عمره.

ولو وقع الموت بعد أن تغيب المتحمل بوجهه فإن المذهب على قولين:

أحدهما: هذه الحمالة سقطت بالموت، كما تسقط بالموت لو كان المتحمل به في البلد. وإليه ذهب أشهب.

والقول الثاني: إن هذا الموت بغير البلد لا يُسقط هذه الكفالة. وإليه ذهب ابن القاسم.

فكأن من أسقط الحمالة بالموت في الغيبة رأى أن الموت لما وقع قبل مطالبته الحميل (٢) تحمل به، صار ذلك كموت المتحمل به بالبلد، لكون الكفيل مغلوبا في الحالين على إحضار من تكفل بوجهه سواء مات بالبلد أو غائبًا عنه.

ومن ذهب إلى المطالبة بهذه الحمالة رأى أن مجرد الغيبة أوجبت غرامة الكفيل، بحصول التعدي بها، لكون الغيبة توجب الغرامة في المشهور عندنا.

فموت الشخص بعد وجوب سبب يوجب الغرامة وهو الغيبة، لا يرفع عنه الحكم.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عمّن
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: [ما] تحمل به

<<  <  ج: ص:  >  >>