هذا إذا كان قد غاب المتحمل بوجهه وقد حلّ أجل الدين.
فأمّا إن كان لم يحلّ، فعلى أصل أشهب الذي ذكرناه، تسقط الكفالة.
وأما ابن القاسم فإنه اعتبر موت المتحمل بوجهه: هل وقع في زمن يتّسع أن يمضي الكفيل ليأتي به، فتسقط الكفالة حينئذ، لكون هذا الغائب مات قبل أن تتوجه عليه مطالبة بالدين، وكون الكفيل لم يفرّط ولا تعدى في أمره. وإن بقي من أجَل الدين مالًا يُحصّل أن يذهب الكفيل إليه، فيأتي به، لزمت الكفيلَ الغرامةُ.
قال ابن القاسم وإن قلت لكم غير هذا فاطرحوه.
وروي عنه أنه قال: إنما تعتبر في هذا مسافة قدوم الغريم بنفسه، من غير أن يضاف إلى هذا مسافة للخروج ليؤتَى به.
وكأنه قرر في اعتباره مسافةَ السير والرجوعَ كون الغريم قاصدًا المنع من الحق حتى يُنفَذَ إليه فيؤتى به لأخذ الحق منه.
واعتبر في القول الآخر أنه يُحمَل على الوفاء، و (١) التنصل من الحق، فأتى بنفسه من غير أن يُستدعَى خَوْفًا ميت إثمه بالمطل.
وإذا تقدم حكم الموت والغيبة، وأن على الكفيل المطالبة لإحضاره: فهل يتُلَوَّم له ليحضره أم لا؟ وقد غاب المتحمل بوجهه.
أما ابن وهب فإنه ذكر أنه يطالب بالغرامة ورأه أن ذلك جارٍ مجرى الحمالة بالمال، فإن الحميل ليس من حقه أن يؤخّر ليحضر الغريم فكذلك الحمالة بالوجه.
وبعض أشياخي يحمل قول ابن وهب، هذا، على أنه خلاف المشهور من المذهب في تمكين الحميل من طلب الغريم الذي تحمل بوجهه والتزم له في ذلك.