وبعضهم يحمله على أن مراده أنه لا يمكن من التلوّم الذي يضرّ. ورأى أن كلامه محتمل لهذا المعنى. ويشير إلى ارتفاع الخلاف في التلوم.
وإذا قلنا بالتلوم، وهو المشهور من المذهب، وقد غاب غيبة قريبة، ومقدار التلوم قيل فيه: اليومُ، ونحوه وقيل: يومان، وقيل: ثلاثة أيام.
واختار بعض الأشياخ: يوم واحد، لأنه مقدار ما يتلوم في الحضور، وذلك ثلاثة أيام لكون الحميل يسافر فيأتي بالغريم مسافة يوم ويتأخر في طلبه يوم، ويأتي به في اليوم الثالث.
وإذا قيل: التلوم يومان اقتضى ذلك تأخيره خمسة أيام. يومان في السفر إليه ومثلها في القدوم به ويوم في طلبه.
والقول بثلاثة أيام أبعد، لأن ذلك يقتضي سبعة أيام.
والأصح عندي في هذا مراعاة الضرر، فيُنْفَى، عمن له الحقُّ، ضررُ التأخير الذي يضر به، وينفى عن الحميل ضرر الاستعجال الذي يضر به.
فإذا تقرر هذا وأن الحميل بالوجه يبرأ باحضار من تحمل بوجهه، معسرًا أحضره أو موسرًا، في المشهور من المذهب، وإن كان قد روى ابن الجهم عن مالك أنه لا يبرأ إلا باحضاره موسرًا، لأنه إذا أحضره معسرًا لم ينتفع من له الدين بإحضاره، فصار حضوره كتغيبه، فإنه لو غاب وتوجهت الغرامة بغيبته، فأراد الكفيل بوجهه أن يثبت فقره لتسقط الكفالة عنه، لكونه إذا ثبت فقره انكشف من ذلك أن غيبته لم تضر بمن له الدين، لأنه لو احضره ما أفاد حضوره. فإن هذا: مقتضى المذهب سقوط الكفالة بإثبات فقر المتحمل بوجهه إذا غاب. لكن إنما يتوجه الحكم بالتقرير مع اليمين بعد إقامة البينة لأنهم (١) لا يعلمون له مالًا. فإذا كان حاضرا وأثبت فقره وحلف سقطت الكفالة لاستيفاء شرائط الحكم بالفقر. وإذا أثبت الكفيل فقر الغريم وهو غائب بقي من تمام