للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا فيه نظر لكونه ها هنا يحاول بمجرد دعواه إثبات دين في ذمة أخرى، والديون لا تثبت في الذمم إلا ببينة، وهاهنا لا تثبت بدعواه دينا على آخر، وإنما يبرىء نفسه مما التزم من الطلب وهو مما لا يمكن فيه إقامة اليينة، فكأن الكفيل والمكفول له دخلا فيه على تصديق الكفيل. فهذا مما ينظر فيه.

وقد تكلمنا على موت المكفول بوجهه، وبيّنّا أن موته يسقط الكفالة. فلو كان الموت إنما حدث بكفيل الوجه، فإن المشهور من المذهب أن الحمالة لا تسقط عن حميل الوجه بموته، وكأنه إنما التزم حقا في ذمته، فلا يسقط بالموت. ورأى عبد الملك بن الماجشون أن موت الكفيل بالوجه يسقط الكفالة عنه، ولا يطالب بها ورثته بعده. وكأن ما التزم من الكفالة معلق بعينه كما علقت بعين المكفول به.

وإذا قلنا بأن الكفالة لا تسقط طُلِب ورثة الغريم، فإن لم يفعلوا تعلقت الغرامة بتركة الكفيل بالوجه، على حسب ما نبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى في موت الكفيل بالمال.

وإذا تقرر أن موت الغريم يسقط مطالبة من تكفل بوجهه، لكونه مغلوبا على (١) احضاره بأمر لا قدرة له على دفعه عنه، وهو الموت، بخلاف التغيّب الذي يمكنه أن يتحفظ به حتى لا يغيب، فإن موت الكفيل بالوجه فيه قولان: هل تسقط الكفالة بموته فيطالب احضارَ الغريم و (٢) ورثتُه، ويؤخذ الدين من تركته، وهو المشهور؟ أو تسقط الكفالة كما حكيناه عن عبد الملك ابن الماجشون.

وأما موت الكفيل بالمال فإن الكفالة لا تسقط عنه بموته من غير خلاف، إذا كانت في أصل العقود. ولو كانت بعد العقد، فهل تبطل بالموت أو


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: على [عدم] إحضاره
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حذف واو العطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>