للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجري مجرى الهبات؟ فيه قولان. وقد تقدم ذكر ذلك.

ولو كان الدين مؤجلًا فمات الحميل بالوجه، وقلنا بالمشهور إن موته لا يسقط الكفالة، فإن ورثته مطالبون بإحضار الغريم، فإن أحضروه سقطت الكفالة، كما لو أحضره الميت الذي تكفل به فمات، ورثوه.

لكن قال ابن المواز: إذا أحضره أحدُ الورثة برئت التركة من المطالبة، ولو كان الدين مؤجلًا.

وعارض هذا بعض الأشياخ المتأخرون، وقالوا: لا يحسن أن تسقط الكفالة المتوجهة في تركة الكفيل بالوجه إذا مات، بإحضار ورثة (١) الغريمَ قيل الأجل، لأن ذلك إحضار لا يفيد من له الدين، إذ لا يقدر على مطالبة الغريم الذي أتي به إليه قبل أن يحل الأجل.

ولعل ابن المواز رأى أن حكم هذه الحمالة المؤجلة حقت بموت الحميل كما يحلّ على الحميل المال الديُن المؤجلُ إذا مات الحميل به، وما ذلك إلا لما يلحق ورثته من الضرر في منعهم قسمة التركة.

وقد يتعلق بهذا حق المتحمّل له لإمكان أن يحل الأجل ويتغيب الغريم، فتتوجه الغرامة على الكفيل بوجهه وقد مات، فيكون الحكم أن يؤخذ من تركته ما ترك عليه من دين استحقه المتحمل له. ولا تصح قسمة ميراث ميّت قبل أن تقضى ديونه. وأما الديون المؤجلة فإنها تحل بموت الغريم من غير خلاف.

وهل تحل على الحميل بالمال بموته أم لا؟ فيه ثلاثة أقوال: اختار ابن القاسم أنها تحل كما تحل على الغريم بنفسه إذا مات.

ومذهب عبد الملك أنها توقف حتى يحل الأجل، فإن لم يوجد للغريم مال أخذ ما وُقف من تركة الحميل فدفع لمن له الدين.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ورثتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>