للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومذهب ابن نافع أن تركة الحميل إذا كانت مأمونة واسعة، فإنها لا يؤخذ الدين منها معجلا ولا موقوفًا حتى يحل الأجل. وإن كانت غير مأمونة عجل الدين. فكأن القولَ بني على أحد قولي مالك في أن من له الدين غير إذا حل دينه، بين أن يطلب به الغريم أو الذي تحمل ما عليه. فيصير على هذا على هذا القول الحميلُ بالمال كالغريم نفسِه، فإذا اتفق على أن الغريم نفسَه إذا مات حل الدين المؤجل الذي عليه فكذلك الحميل، لأنه كغريم آخر. وعلى القول الثاني لمالك أنه لا يمكن من أخذ الدين من الحميل إلا إذا تعذر أخذه من الغريم (لأجل الدين) (١). ولكن يبقى النظر في وقفه إلى أجل، ومنع الورثة من التصرف في مقداره من التركة لحق من له الدين، إذ إبقاؤه مضرة على الورثة، وعلى من له الدين، لإمكان أن يضيع فيضير (٢) ضياعه الورثة ويضر من له الدين.

والجواب عن السؤال التاسع أن يقال:

أمّا تكثير الحملاء بالوجه أو بالمال فذلك جائز، لأن الغرض بالحمالة التوثق فأشبهت الرهبان، والبرهان يجوز أخذها وإن كثرت أنواعها. ولا فرق في هذا بين الحمالة بالمال أو الحمالة بالوجه.

ولو تكفل ثلاثة رجال بوجه رجل لصح ذلك وبرىء من الحمالة من أحضره منهم وحده، ولا يبرأ الحميلان الآخران حتى يحضره كل واحد منهما.

ولو انضاف إلى هذا أن كل واحد من هؤلاء الثلاثة حميل بصاحبه لسقطت الكفالة عنهم أجمعين بإحضار واحد منهم الغريم، لأن كل واحد منهم لما تحمل بصاحبه صار كالوكيل له على احضار الغريم. وقد قررنا أن موت الغريم لا يسقط الحمالة بالمال ويسقط الحمالة لالوجه، وموت الحميل بالمال لا يسقط


(١) ما بين القوسين، هكذا في النسختين
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يَضر

<<  <  ج: ص:  >  >>