للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثبوت هذا الدين بنكول المدعى عليه ويمين المدعي كثبوته بالبينة.

وذكر في كتاب الشفعة من المدونة أن زيدا إذا أتى فجحد الدين، وحلف عليه، أن للمدعي تحليفَ الكفيل بأنه لا يعلم ثبوت هذا الدين. فإن نكل الكفيل عن هذه اليمين غرم. وهذا لأن الكفيل إذا أقر بثبوت الدين وأن المدعي يستحقه فكأنه يعلم أن المدعي إذا استحق هذا الدين استحق على الحميل به أن يقوم له به. ولا يضر ها هنا كون الحميل لا مرجع له لأنا إنما ذكرنا هذا التعليل فيما لم يعلم الحميل بثبوته من الدين فيحمل لفظ الحمالة على أنه قصد أن يتحمل بما يجب الطلب به، فإذا لبم يعلم وجوب الطنب به فلا مطالبة عليه، وها هنا هو عالم بثبوت الدين وإن المتحمل له يستحقه على المدعي عليه، فصار جحود المدعى عليه كجائحة طرأت على الحميل منعته أن يرجع بما يجب له الرجوع وأما كون الكفيل ها هنا إذا نكل عن اليمين أنه لا يعلم صحة هذا الدين فإنه يغرم من غير أن يُرجع اليمين على من يطالبه بالغرامة، فإن هذا هو الأصل في أيْمان التهم أن النكول عنها يوجب الغرامة، إذ المتَهِم لغيره لا حقيقة عنه (١) بباطن الأمر، والإنسان ممنوع أن يحلف على ما لا يعلم صدقه في يمينه.

وفي الموازية، في المريض إذا قال عند احتضاره: لي على فلان مائة دينار، ثم مات، إن المدعَى عليه يحلف، ولم يراع في يمينه الخلطة لكون المريض يعتقد أنه منتقل إلى الآخرة، فتبعد التهمة في أن يدعي محالًا، فتسقط مراعاة الخلطة ولا يكون انتفاء هذه التهمة (٢) اليمين يوجب قبول دعواه، كما قلنا في القسامة صيانة للدماء واحتياطا لها لكونها لا يتمكن احضار البينة فيها ويتمكن ذلك في المعاملات بالمال.

ولو أتى زيد فأقر بصحة الدعوى عليه: فهل تلزم الكفيل الغرامة أم لا؟


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عنده
(٢) هكذا في النسختين، بمقدار كلمه

<<  <  ج: ص:  >  >>