للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يؤخذ عنها عوض. على أن الحمالة تشعر باعتراف الحميل بأنه قادر على قضاء ما تحمل به فيطالب بموجب اعترافه. وهذا بسطناه في كتاب التفليس.

والجواب عن السؤال الحادي عشر أن يقال:

إذا تكفل رجل عن رجل بما وجب عليه من دين أو بما يوجَب في المستقبل، صحّتْ الكفالة، وإن لم يعلم الكفيل بمقدار ما تكفل به، كما قدمنا أن هذا مذهبنا فيه، وأن الشافعي لم يجز الكفالة بالمجهول.

لكن لا يخلو الوجوب من أن يثبت ببينة أو بإقرار المتكفّل عنه، إذا قال رجل: لي عند زيد مائة دينار، أو لي عليه دين. فقال عمرو: أنا كفيل بذلك. فإن ذلك يجب عليه على الجملة إن ثبت الدين. ولا يخلو ثبوته إما أن يكون ببينة تشهد به، أو بإقرار المدعَى عليه. فإذا جاء زيد فأنكر أن يكون عليه دين ولم تشهد عليه بينة به وحلف على بطلان دعوى المدعي لم يلزم الكفيل مطالبة، لأنه إنما ذكر أنه كفيل، والكفالة تسمية لمن ضمن دينا يؤديه ثم يرجع به على من أداه عنه بخلاف الحميل الذي مقتضاه أن يؤدي رجل عن رجل في دينًا على ألَّا يرجع به عليه.

فإذا كانت الحمالة (١) مقتضاها رجوع الحميل (١) بما أدى بخلاف الحميل، وأتى زيد فجحد أن يكون عليه هذا الدين، وحلف على ذلك، فقد برىء من المطالبة بإجماع، وإذا برىء منها لم يصح أن يرجع عليه الكفيل بما تحمل به. والحمالة تسمية لما لَه به مرجع كما قررنا. ولا يكون قول هذا: أنا حميل. تصديقا للمدعي فيما ادعاه، لما ذكرناه من كون الحمالة تسمية لما له به مرجع.

ولو نكل عن اليمين وردها على المدعي حلف المدعي وثبت الدين، ولزم الكفيلَ القيامُ به إذا كان المدعى عليه معسرًا، ثم يرجع به على المدعى عليه لأن


(١) هكذا في النسختين، والصواب: الكفالة رجوع الكفيل

<<  <  ج: ص:  >  >>