للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يحضره له في بلد سماه، فأحضره له في بلد آخر يمكنه فيه الطلب كما يمكنه في البلد المشترط إحضار الغريم فيه، فذكر في المسألة قولين. وهذا أيضًا من شرط مالًا يفيد هل يوفى به أم لا؟ وقد ذكرنا هذه المسألة وما يلحق بها في أحكام الحمالة بالوجه.

وأصحاب الشافعي ذكروا هذه المسألة أيضًا وأشارو إلى أنه إذا أحضره ببلد آخر غير البلد المشترط، ولا مضرة على المتحمل في ذلك فإن الشرط ساقط، وذكروا قولين. و (١) لو اشترط حضوره في البلد الذي سماه بمكان فأحضره بموضع آخر منه. وهذا كله يؤكد ما حكيناه من الاختلاف في اشتراط مالًا يفيد: هل يقضى به أم لا؟ ومما يلحق: بالمسألة التي نحن فيها اختلاف الحميل ومن له الدينَ في كون الغريم فقيرًا حتى يتوجه الطلب على الحميل من غير خلاف، أو كونه مليئا حتى يجري وجه الطلب عليه على اختلاف قول مالك الذي ذكرناه في صدر هذه المسألة فيه قولان:

أحدهما: حمله على الغنى حتى ينكشف من حاله ما يدل على فقره، فيرتفع الخلاف في توجه الطلب على الحميل.

والقول الآخر: حمله على الفقر حتى يظهر ما يدل على ملائه.

وقد قدمنا في كتاب التفليس سبب هذا الاختلاف وأشرنا إلى أنا إن قلنا: إن الغالب في الناس الغنى، والفقر نادر، صار من ادعى الفقر ادعى خلاف الغالب فلا يقبل ذلك منه. وإنا إن قلنا: إن من اشترى سلعة ثم ادعى الفقر والعجز عن ثمنها لا يصدق. وعلة كونه لا يصدق أنه أخذ عوضا عما يُطلب به من الثمن، فيستصحب وجود ذلك في يديه حتى يظهر ما يدل على تلفه من يده، والحميل لم يأخذ عوضا فصدق في دعوى الفقر، كما ذكرناه هناك في تصديق الإنسان في أنه فقير "إذا طلب بالإنفاق على أبويه لما كانت هذه المطالبة لم


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: و [كذا] لو ...

<<  <  ج: ص:  >  >>